للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يَعْلَمْ به، ومع هذا مُنِعَ جبريل عليه السلام مِنْ دُخول البيت، وعلَّل بالجرو. فلو كان العذرُ مِنْ وُجود الصُّورة والكلب لا يمنعهم، لم يمتنع جبريل.

قال شيخنا: لا ينطبق هذا الاستدلالُ على كلامهما، أمَّا الصُّورة، فلم يتعرَّض لها، وأما الجرو فإنهما استُثنيا ما يجوز اقتناؤُه، والجَرْو المذكور لم يثبت أنَّه بالصِّفَةِ المذكورة، فعَدَمُ العلم لم يُزِلِ الامتناع.

وقال أيضًا في الكلام على حديث "جُعِلَ في قبرِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قطيفة حمراء":

نص الشافعيُّ وجميعُ أصحابنا وغيرُهم مِنَ العلماء على كراهة وَضْعِ قطيفة أو مُضَرِيَّة أو مخدَّة ونحو ذلك تحت الميت في القبر، وشذَّ عنهم البغويُّ مِنْ أصحابنا، فقال في كتاب "التهذيب" بذلك لهذا الحديث: والصَّواب كراهتُه، كما قال الجمهور، وأجابوا عن الحديثِ بأنَّ شُقْران انفردَ بذلك، ولم يوافقه غيره مِنْ الصحابة، ولا علموا ذلك، وإنما فعله شُقْران كراهة أن يلبَسَها أحدٌ بعدَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، لأنه كان يلبَسُها ويفترِشُها، فلم تَطِبْ نفسُ شُقرانَ أن يتبذَّلها أحدٌ بعده، وخالفه غيرُه، فروى البيهقيُّ عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما أنَّه كره أن يُجْعَلَ تحتَ الميت ثوبٌ في قبره.

قال شيخنا: قولهم في الجواب: إنَّ شُقران انفرد بذلك، ولم تعلم به الصَّحابة خلافُ الظَّاهر، وكيف يستقيمُ ذلك مع ما عُلِمَ مِنْ توفُّرِ دواعيهم على حُضور دفنه، فيبعدُ أن لا يعلَمَ أحدٌ منهم بإحضارِ شُقران القطيفة، وجعلِها تحتَه في قبره. وهذا أمر حِسِّيٌّ، وكيف يُظَنُّ أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُقِرُّ على أمر مكروه في الشرع، مع نُور بصائرِ الصَّحابة وائتلاف كلمتهم على المواراة، فإنهم أخَّرُوا دفنه حتى انتظمت الكلمة وصحَّتِ الإمامة، فترجَّح ما قالَهُ صاحبُ "التَّهذيب".

وقال أيضًا في باب الوفاء بالوعد بعد أن ذكر أدلَّته مِنْ الكتاب والسنة كقول اللَّه تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ} الآية [الصف: ٣]، وقوله عليه