في الصَّلاة السِّرِّيَّة، وأن الإسرارَ ليسَ بواجبٍ وللبيان، أو لعله سبق لسانه للاستغراق في التَّدبُّر.
قال شيخنا: إنَّه خلافُ الظَّاهر، فإن كان يفعل، يقتضي تجدُّدَ الفعل والمفعول لبيان الجواز يكتفي فيه بمرَّةٍ أو مرَّاتٍ، وهذا فحواه المواظَبَةُ.
وقال في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يدخُلُ الجنَّة مِنْ أمَّتي سبعون ألفًا بغير حساب"، وفسَّره بأنهم "الذين لا يرقُون ولا يَسْتَرقُون ولا يَكْتُوون وعلى ربهم يتوكلون"، وحكى فيه أقوالَ السَّلَفِ، ثم قال: وأما تداويه، فلتبيين الجواز.
فقال شخنا: هو كالذي قبله.
وقال أيضًا في باب تكنية الكافر: إنَّه إذ لم يخَفْ فتنة، لا يكنيه، وذكر قصَّة هرقل، وأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كتب إليه، ولم يُكَنِّه، ولا لقَّبه بملك الروم، ولأنّا مأمورون بالإغلاظ لهم، فلا نُلِينُ لهم عبارة، ولا نُرَقِّقُ لهم قولًا.
وقال: فرع: إذا كتبت إلى مشرك كتابًا؛ وكتبت فيه سلامًا ونحوه، ينبغي أنَّ يكتُبَ ما رويناه، فذكر القصة، وقال: عظيم الروم.
قال شيخنا: فهذا ظاهره التناقض؛ فالحديث واحدٌ، والاستدلالُ مختلفٌ، فما وجهُ الجَمْعِ بين كلاميه؟!
وقال أيضًا في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ الملائكة لا يدخُلون بيتًا فيه كلبٌ ولا صورة" بعد أن حكى الخلاف في المُمْتَهَنِ وغيره، وما له ظلٌّ وغيره، وأنَّها تمتَنِعُ عقوبة لفاعلِ ذلك، فإنَّهم ملائكةٌ ينزِلونَ بالرحمة والاستغفار، أو لكثرة أكلِ الكلب النَّجاساتِ، أو لأن منها ما هو شيطان.
ثم قال: وهل يمنعون مِنَ المُحرَّم فقط، أو منه ومِنْ غيره؟ قال الخطابي: مِنْ المحرَّم فقط. فإذا كنتِ الصُّورةُ ممتهنةً، أو الكلبُ لصيدٍ أو زرعٍ أو ماشيةٍ، فلا.
قال: وذكر القاضي عياضٌ نحو ما قاله الخطَّابيُّ، والأظهرُ أنَّه عامٌ في كلِّ كلبٍ وكلِّ صورة، وأنهم يمتنعون مِنَ الجميع، لإطلاق الأحاديث، لأنَّ الجَرْوَ الذي كان في بيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تحتَ السَّريرِ كان فيه عُذْرٌ ظاهر، فإنَّه