للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتضمنت هذه الحكايةُ ضبطه للسانه، وأنَّه إليه النهاية في الحلم والاحتمالِ والتحرُّزِ مِنَ الدُّعاء على مَنْ ظلمه، عملًا بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ دعَا على مَنْ ظلمه، فقد انتصَر"، مع أنه ممن لا أشكُّ في إجابة دعوته، لا سيما وقد أخبرني بعضُ الثِّقات مِنْ طلبة (١) شيخنا أنه سمع الشيخَ الصالح العارف أبا الفتح محمد بن أحمد الفُوِّي حينَ التمس منه في (٢) بعض الحوادثِ التي جرت لصاحب الترجمة التوجُّهَ إلى اللَّه تعالى في مَنْ يعتَمِدُ أذيَّته والتَّشويش عليه بقوله: واللَّه لو توجَّه هو فيهم إلى اللَّه تعالى في ليلة، لكُفِي أمرهم، لأن عَلَمَ الولاية على رأسه. انتهى.

وذكر لي أبو المواهب المغربي، الشهير بابن زغدان، قال: سمعت قائلًا يقول في المنام: إذا كانت لك إلى اللَّه حاجة، فتوسل بابن حجر ثلاث مرات، فإن اللَّه يقضي حاجتك (٣).

وحكى لي الشيخ بهاء الدين بن حرمي، أحدُ جماعة صاحب الترجمة، قال: كنت إذا عرض لي أمر، أذكره له، رجاءَ بركتِه والتماس مساعدته، فلمَّا مات، عَرَضَ لي عارضٌ، فجئتُ الشَّيخَ شهابَ الدِّينِ الأبشيطي العالمَ الصَّالح، فذكرت له ذلك، فقال لي: توجَّه إلى اللَّه بشيخك، وأشار إلى صاحب الترجمة، يقضي اللَّه حاجتك، وذكر له كيفيَّة ما يفعلُ (٤).

وحكى لي صاحبنا الشيخ فخر الدين عثمان الدِّيمي الأزهري عن بعض الثقات أنه سمع الكمال المجذوب يقول: إنَّ صاحب الترجمة ما مات حتى تقطَّب.


(١) في (أ): "طبقة".
(٢) ساقطة مِنْ (أ).
(٣) غنيٌّ عن القول أنه لا يجوز التوسل بأحد مِنْ مخلوقات اللَّه في طلب قضاء الحاجات أو التماس إجابة الدعاء، فندعوه سبحانه مِنْ دون واسطة ولا وسيلة.
وقائل هذه العبارة -ابن زغدان- هو محمد بن أحمد بن داود بن سلامة، مِنْ أرباب أهل التصوف. ترجمه المصنف في الضوء اللامع ٧/ ٦٦ - ٦٧، فقال فيه: فهم كلام الصوفية، ومال إلى كلام ابن عربي بحيث اشتهر بالمناضلة عنه.
(٤) ويقال في هذا ما قيل في سابقه.