للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لما عَفَوْتُ ولم أحقِدْ على أحدٍ ... أرَحْتُ نفسي مِنْ همِّ العداواتِ

إني أُحَيِّي عَدُوِّي عندَ رؤيتِه ... لأدفَعَ الشرَّ عنِّي بالتَّحيَّاتِ

وأُحْسِنُ البِشْرَ للإنسانِ أبغُضُه ... كأنه قد حشا قلبي مَسَرّاتِ

ولستُ أسلَمُ مِنْ خِلٍّ يخالِفُني ... فكيفَ أسلَمُ مِنْ أهلِ العداواتِ

ولستُ أسلمُ ممَّن ليس يَعْتَبُني ... فكيف أسلَمُ مِنْ أهلِ المودَّات

والمحسود أبدًا يُقْدَحُ فيه، لأنَّ الحاسدَ لا غَرَضَ له إلا تتبُّع مثالبِ المحسودِ، فإن لم يَجِدْ، ألزَقَ مثلبتَه به، وقد قيل:

عِداتي لهم فضل عليَّ (١) ومِنَّةٌ ... فلا أذهبَ الرَّحمنُ عنِّي الأعاديَا

همُ بحثوا عَنْ زلَّتي فاجتنبتها ... وهم نافَسُوني فاكتسَبْتُ المعالِيَا

على أنَّه رحمه اللَّه لم يزدَدْ مع طعنهم في جنابه (٢)، وخوضهم في شريفِ مراتبه إلا رفعةً.

ما يضرُّ البحر أمسى زاخرًا ... إنْ رمى فيه غلامٌ بحَجِرْ

ما ضرَّ بحرُ الفراتِ يومًا ... إذ خاضَ فيه بعضُ الكلابِ

لو رجمَ النَّجمَ جميعُ الورى ... لم يصلِ (٣) الرَّجمُ إلى النَّجمِ

يا ناطِحَ الجبل العالي ليَكْلِمَه ... أشْفِقْ على الرَّأس لا تُشْفِقْ على الجَبَلِ

كناطحٍ صخرةً يومًا ليفلِقَها ... فلم يَضِرْها وأوهى قرنه الوَعِلُ

لا تَضَعْ مِنْ عظيمِ قدرٍ وإن ... كنْتُ مشارًا إليه بالتَّعْظيمِ


(١) في (ب): "علي فضل"، خطأ.
(٢) في (ب): "جانبهم"، وفي (ح): "جانبه".
(٣) في (ط): "يحصل"، خطأ.