للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالعظيمُ الخطيرُ يَصْغُرُ قدرًا ... بالتَّعَدِّي على الخَطيرِ العَظيمِ

وَلَعُ الخمرِ بالعقول رمى الـ ... ـخمرَ بتنجيسها وبالتَّحريمِ

وقلَّ مَنْ يخلو مِنْ كلام؛ لكون اتِّباع الهوى هو الأغلب إلَّا في النادر، والبلاءُ في تتابُعِ الألسنة كلها. نسأل اللَّهَ التوفيق.

ومَن ذا الذي يَنْجو مِنَ النَّاسِ سالمًا ... وللنَّاس قالٌ بالظُّنون وقيلُ

وهذا لأبي العتاهية، وقبله:

أرى عِلَلَ الدُّنيا عليَّ كثيرةً ... وصاحبُها حتَّى المماتِ عليلُ

وقال الآخر:

سلمت وهل حيٌّ مِنْ الناس يَسْلَمُ (١)

ومن سعة حلمه أيضًا:

أن بعضَ الشعراء (٢) ممن عاونَ في المصنَّف المشار إليه بالَغَ في هجائه، فما احتمل أتباعُ صاحب الترجمة ومحبيه -لا سيَّما ولده- ذلك، وأمروا بإحضاره فأُحْضِر، وبلغهَ ذلك، فتغيَّظ عليهم، وأمر بصرفه مُكْرَمًا، بل أنعم عليه بشيءٍ مِنَ الدُّنيا.

بل أخبرني قاضي القضاة شيخُ المذهب العز الحنبلي أنَّ المشارَ إليه أخبره أنَّه ضبط ما يَصِلُ إليه منْ صاحب الترجمة، فكان ألف درهم في كلِّ شهر، وكان يقول: لستُ الآن أتردد لَمن تحصُلُ لي منه الدنيا والآخرة غيره، يشير إلى أنَّه كان -مع كثرة إنعامه عليه- يستفيدُ عنه علمًا جمًّا، كما أسلفتُه في أوائل الباب الثاني.


(١) في (أ): "سالم".
(٢) هو النواجي كما سيصرح باسمه، والمصنف قريبًا.