للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ قاضي القُضاة علم الدين وابن أخيه القاضي تاج الدين في وقتين مختلفين أمرًا مهولًا، فطلع مِنْ فوره إلى السُّلطان، وتوسل إليه في كل منهما بكلِّ طريق في إبطال ذلك، مع مشقَّة إبطاله على السُّلطان في أحدهما، حتَّى تمَّ. وكلَّمه مرَّة أخرى في أوائل ولايته مِنْ سنة اثنتين وأربعين في كائنةٍ مُفتَعَلةٍ في حق آخر مِنْ أقرباء قاضي القُضاة علم الدين فما خالفه، بل قال له: واللَّه لولا أنت، لكنتُ حرقتُه بالنَّارِ لما صنع، واللَّه يأخذ الحقَّ ممن افترى على المشار إليه. وقرر عند السلطان ما كان سببًا لبلوغه إلى هذا الحدَّ، هذا وقريبُه لم ينفعُه في هذه الكائنة بشيء.

واتَّفق مرَّة أن السُّلطان أيضًا حلف ليضربنَّ شخصًا معيَّنًا مِنْ أبناء العُلماء ألف عصا، فراجعه في إعفائه والصَّفح عنه، وأنَّه يُكَفِّرُ عَن يمينه، فامتنع، فلا زال يتلطَّفُ به حتى أمر بجمع عيدان، فضرب بها دفعةً واحدًا بعد أن قرأ قوله تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: ٤٤].

ومن إكرامه لذوي البُيوت -لا سيَّما العلماء وأهل الولايات منهم- ما صنعه مع السيد علاء الدين محمد ابن السيد عفيف الدين محمد الإيجي، حيث قدم عليه قصدًا للأخذ عنه مِنَ البلاد النائية، فإنه تفرَّغ له حتَّى قرأت له (١) عليه في ثلاثة أيام عليه شيئًا كثيرًا، بل وحدَّثه مِنْ لفظه ببعض ذلك، وناوله كثيرًا مِنْ مروياته ومصنَّفاته، وتأدَّب معه إلى الغاية، وأهدى إليه بعضَ الكتب، وقال له: المناولة في هذا أقربُ إلى الصِّحَّة، يعني لكونه لم يسترده.

[والتمس منه السيد زين الدين (٢) عبد اللطيف بن أبي السُّرور (٣)


(١) في (أ): "قرأت عليه"، وفي (ب، ط، ح): "قرأت له"، والصواب ما أثبت فيما أظن، فإن المصنف قال في ترجمة الإيجي مِنْ الضوء اللامع ٩/ ٢٣٢: إنه قصد ابن حجر بالرحلة "وسمع منه وعليه بقراءتي أشياء. . . ".
(٢) كذا في (ب، ط)، وهو في (ب) بخط المصنف، وفي (أ، ح) والضوء اللامع ٤/ ٣٣٣: سراج الدين.
(٣) في (أ): "عبد اللطيف أبو السرور"، خطأ. وأبو السرور لقب أبيه الذي ترجمه المصنف في الضوء اللامع ٨/ ٤١، وكذا هو في إتحاف الورى بأخبار أم القرى للنجم ابن فهد ٤/ ٤١٣.