للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسقوط التِّبْنِ عليه، ولا نحبُّ العلمَ به خوفًا مِنْ غائلته. فهل لك أن تُعمل الفكر في إلقائه في البحر ولك دينارٌ؟ فقال: نعم، فأخذه ولفَّه في عباءته، وألقاه على ظهر الجمل إلى أن وصل به إلى البحر في السَّلامة، فألقاه فيه ورجع، فبادرت قبل مجيئه لإخراج الثَّاني، وقالت له عندما رام أخذَ جُعْلِه: هذا هو قد سَبَقَكَ! فما شكَّ في صِدقها, لكونه -كما قدَّمنا- شبيهًا له, وأخذه ففعل به ما فعل بالثَّاني. وهكذا فعلت بالثالث، وقاسى غلبة في ذلك!.

هذا معنى ما سمعتُه، وهي هزليَّةٌ، وتمامها، وهو غاية في الظَّرفِ، لكن الغالب الظَّنِّ أنَّها مُفتَعَلَةٌ: أن السَّقاء عند فراغه مِنَ الثالث وطلوعه مِنْ البحر، وجد بعضَ الحُدْبَانِ وهو ماشٍ بين يديه ومعه إبريقٌ كأنه كان يتوضَّأ، فأدركه بعزم قويٍّ (١) واقتلعه مِنَ الأرض قائلا له: إلى متى تتبعُني في هذا اليوم، قد مسكتُك، ولم يزل به حتى ألقاه في البحر وهو يصيح، فلا قوة إلا باللَّه، وأستغفر اللَّه تعالى مِنْ حكاية مثل هذا.

وكذا سمعته غير مرة يحكي أنَّ بعضهم حكى أنَّ بعض البلدان يتشجَّر النَّعنع حتَّى يعمَل مِنْ خشبه السَّلالم، فقال له بعضُهم: أغربُ مِنْ هذا زوجُ حمام راعِبِيٍّ، يبيضُ في كلِّ نيفٍ وعشرين يومًا بيضتين، فأنتزعهما مِنْ تحته وأضع مكانهما صنجة مائة وصنجة خمسين، فإذا انتهت مدَّةُ الحضان، تفقَّسَت الصنجتان عن طَشْتٍ وإبريقٍ أو سطلٍ وكرنيب. قال: وإنَّما أراد الثاني المبالغة، مشيرًا إلى كذِبِ الأول.

قلت: وهاتان الحكايتان رأيتهما في ترجمة صاحب "الأغاني" أبي الفرج علي بن الحسين بن محمَّد بن أحمد بن الهيثم الأصبهاني.

وقريبُ الشَّبَه مِنْ هذا: أنَّ بعض الجماعة مِمَّن يُعْرَفُ بالمجازفة مِنْ الحلبيين [حكى أنَّ عندهم بحلب] (٢) مِنْ اجتمع مِنْ أولاده الذُّكور تسعة


(١) "قوي" ساقطة مِنْ (أ).
(٢) ما بين حاصرتين ساقط مِنْ (ط).