للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ذهب رجلٌ يبول، فتبعه رجلٌ، فقال له: حرمتني بركة بولي. قال (١): وما بركةُ البَوْلِ؟ قال: الفَسْوَةُ والضَّرطَةُ!.

وقد روى سعيد بن منصور في "سننه" مِنْ طريق سوادَةَ بن هانىء، قال: قال عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه: إذا خرج رجلان جميعًا لإهراقة الماء، فليتنحَّ أحدُهما عَنْ صاحبه، فإن الرَّجُلَ يتنفَّسُ.

وحكى لنا أيضًا أن بعض أهل البوادي رُؤي في الصَّيف وهو يغتسِلُ، فصار كلَّما غطَسَ ورفع رأسه، حلَّ عُقدَةً مِنْ خيطٍ كان معه، وأنه كرَّر ذلك مرارًا، فسُئِلَ عَنْ سبب ذلك، فقال: كنتُ في الشِّتاء كلَّما وجبَ عليَّ غُسلٌ، عقدت عُقدَةً، فأنا في هذا الوقت أُوفي بجميع ما عليَّ مِنْ ذلك!

وحكى لنا غيرَ مرَّةٍ عن ناصر الدين بن صُغَيْر الطبيب (٢) أنَّ الصَّفدي قال له: لو جلست على دُكَّان عطَّار، لارتفقت بذلك. فقال له: يا مولانا، هؤلاء النِّساء، إن لكم يكنِ الطبيبُ يهوديًّا شيخًا مائل الرَّقبة، سائل اللُّعاب، لم يكن لهُنَّ عليه إقبالٌ.

ومما سمعته يحكيه -مما في ظني أنَّه عزاه لبعض التَّواريخ، وأهابُ تسميته قبل الوقوف عليها- أن ثلاثةً مِنَ الحُدبان كانوا إخوةً في الشكل والطُّول (٣) والهيئة واللُّبس، أحبَّ بعضُ النَّاس مبيتهم عنده بداره للتَّفرُّج على هيئتهم وسماع ألفاظهم، ففعل ذلك، وعند تمام الأرب منهم أدخلهم في شونةٍ (٤) عنده ممتلئة تبنًا ليبيتوا بها، فانهار عليهم التِّبْنُ، فأصبحوا لا حياة بهم، فخيف مِنْ غائلة ذلك، فأعمَلَتْ جاريةً مِنْ جوار المنزل الحيلة في إخراجهم بأن أرغَبَتْ بعض السَّقَّائين، وقالت له: عندنا شخصٌ أحدبُ توفي


(١) في (أ): "قلت"، والمثبت مِنْ (ب)، حيث كتبت الحكاية بهامشها بخط المصنف.
(٢) هو ناصر الدين محمد بن محمد بن عبد اللَّه بن صغير، ولد سنة ٦٩١ هـ وتوفي سنة ٧٤٩ هـ مترجم في الدرر الكامنة ٤/ ١٩٠ - ١٩١ نقلًا عن أعيان العصر للصفدي، وفيهما الحكاية. وترجمه الصفدي أيضًا في الوافي بالوفيات ١/ ٢٥٨ باختصار.
(٣) "والطول" ساقطة مِنْ (ب).
(٤) قال في القاموس: الشَّوْنَة: مخزن الغلَّة.