قلتُ: وحديثه يدل على سقوطه، نعم الرجل ليس بكذاب إن شاء الله، لكنه مغفلٌ يقلب الأخبار، ويأتى بالأعاجيب والمناكير على سبيل التوهمه، وقد اضطرب في وقفه ورفعه، فتارة رواه مرفوعًا - وهو الذي رواه عنه الأكثرون - كما مضى. وتارة يرويه موقوفًا كما تراه عند أبى يوسف في "الآثار" [عقب رقم ١]، والوجه المرفوع هو الذي رواه عنه الجماعة: منهم حسان بن إبراهيم الكرمانى. لكن اختلف على حسان في إسناده، فرواه عنه إسحاق بن أبى إسرائيل على الوجه الماضى، وهو المحفوظ. أخرجه المؤلف [١١٢٥]، وتوبع عليه إسحاق: تابعه عبيد الله العيشى عند البيهقى في "سننه" [٣٧٨٦]، وابن عدى في "الكامل" [٢/ ٣٧٥]، وخالفهما. أبو عمر الحوضى الثقة الحجة، فرواه عن حسان بن إبراهيم فقال: عن سعيد بن مسروق الثورى - هو والد سفيان الثورى - عن أبى نضرة عن أبى سعيد به ... ، فجعل شيخ حسان والراوى عن أبى نضرة هو (سعيد بن مسروق) بدل (أبى سفيان السعدى) هكذا أخرجه ابن عدى في "الكامل" [٢/ ٣٧٥]، ثم نقل عن أبى محمد بن صاعد الحافظ أنه قال: "هذا الإسناد وهم، إنما حدثه حسان عن أبى سفيان وهو طريق السعدى، فتوهم - المتوهم هو الحوضى - أنه أبو سفيان الثورى، فقال برأيه: عن سعيد بن مسروق". قلتُ: فتعقبه ابن عدى بكون الوهم فيه إنما هو من حسان الكرمانى نفسه، والحوضى برئ من هذا الغلط، ثم ذكر أن الحوضى قد توبع عليه على هذا الوجه: تابعه حبان بن هلال. ثم أخرجه بسنده إلى حبان بإسناده به ثم قال: "فقد اتفق حبان والحوضى فرويا عن حسان عن سعيد بن مسروق على الخطأ، وابن صاعد لم يقع عنه إلا من رواية الحوضى عن حسان، فظن الخطأ من الحوضى، وإنما الخطأ من حسان ... ". قلتُ: والصواب ما قاله ابن عدى، وقد توبع الحوضى وحبان عليه أيضًا على هذا الوجه الخطأ، تابعهما الأزرق بن على عند ابن حبان في "المجروحين" [١/ ٣٨١]، ولكن الدارقطنى لا يزال يُصرُّ على أن الوهم فيه إنما هو ممن دون حسان بن إبراهيم، فيقول في "العلل" [١١/ ٣٢٣]: " .... ولعل حسان حدثهم عن أبى سفيان فتوهم من سمعه منه أنه أبو سفيان الثورى سعيد بن مسروق .. ".=