وتابعهم أيضًا أبو عمر الدورى عند الطبراني في، "الأوسط" [٣/ رقم ٢٣٩٠]، والبيهقى في "سننه" [٣٧٨٥]، فإلصاق الوهم بهؤلاء دون حسان بن إبراهيم الكرمانى، لا يستقيم البتة، ولو كان حسان ثقة حافظًا متقنًا، فكيف وقد ضعفه النسائي، وأنكر عليه أحمد بعضًا من حديثه، وقال العقيلى: (في حديثه وهم). وقال ابن عندى: " ... يغلط في الشئ" وقال ابن حبان: "ربما أخطأ"؟!، فتعصيب الجناية برقبته هو الذي تقتضيه أصول هذا الفن وقواعده. وهو الذي جزم به ابن عدى كما مضى. ومثله ابن حبان في "المجروحين" [١/ ٣٨١]، والبيهقى في"سننه" [٢/ ٣٧٩]. وتابعهم الحافظ في "التلخيص" [١/ ٢١٦]، وهو الصواب بلا جدال. إذا عرفت هذا: علمت أن سعيد بن مسروق الثورى ليس له في هذا الحديث ناقة أو بعير، ولا فتيل ولا قطمير، وإنما الحديث حديث أبى سفيان السعدى، وبه عرفه النقاد، وذكروه في ترجمته. فكأن حسان بن إبراهيم وقع له ذكر (أبى سفيان) هكذا غير منسوب، فظنه الثورى والد سفيان، فرواه عنه على سبيل التوهم. وعلى هذا الوجه سمعه منه أبو عمر الدورى وأبو عمر الحوضى والأزرق بن عليّ وحبان بن هلال وغيرهم. ثم لما اشتهر ذلك بين الناس، أنكره بعضهم على حسان، فعاد ورواه عن أبى سفيان السعدى على الجادة. وعلى هذا الوجه سمعه منه عبيد الله العيشى وإسحاق بن أبى إسرائيل. واللَّه أعلم. وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة، مضى منها حديث على [برقم ٦١٦]، وهو أحسن شئ في هذا الباب على ضعفه، وهذه الشواهد إنما تشهد لشطره الأول فقط. أما شطره الأخير فقد توبع عليه أبو سفيان: تابعه قتادة عند أبى داود [٨١٨]، والبيهقى [٢٢٩٠]، وأحمد [٣/ ٣]، وجماعة كثيرة بنحوه. وقد استوفينا الكلام عليه مع شواهده واختلاف فقهاء الأمصار في مدلوله كل ذلك في رسالتنا "الأدلة الواضحة على وجوب قراءة شئ من القرآن في الصلاة بعد الفاتحة".