كلهم من طرق عن جعفر بن سليمان عن علي بن على الرفاعى عن أبى المتوكل الناجى عن أبى سعيد به ... قلتُ: هذا إسناد قوى، لكن أعله أبو داود فقال: "هذا الحديث يقولون: هو عن عليّ بن عليّ عن الحسن مرسلًا، الوهم فيه من جعفر". قلتُ: ليت أبا داود ذكر لنا من قال ذلك، أو من رواه عن علي عن الحسن مرسلًا، نعم قد رواه أبو داود في "المراسيل" [رقم ٣١]، وعبد الرزاق [٢٥٧٢] من طريقين عن الحسن به مرسلًا، لكن لم أجده من طريق على الرفاعى عن الحسن مرسلًا، والحديث ذكره ابن حبان في "المجروحين" [٢/ ١١٢]، وفى ترجمة على الرفاعى وأعله به، وقول أبى داود الماضى يقتضى أن الوهم فيه من جعفر بن سليمان الضبعي. وقد نقل الترمذى في "سننه" عن أحمد أنه قال: "لا يصح هذا الحديث" فتعقبه الإمام في "الإرواء" [٢/ ٥١]، بقوله: "قلتُ: ولعل هذا لا ينفى أن يكون حسنًا، فإن رجاله ثقات .. " ثم طفق في الكلام على عليِّ الرفاعى وما قيل فيه. فنقل قول أحمد عنه: "لم يكن به بأس إلا أنه رفع أحاديث" فتعقبه الإمام بقوله: "وهذا لا يوجب إهدار حديثه، بل يحتج به حتى يظهره خطؤه". قلتُ: وهو كلام رصين، لكن يبقى كلام أبى داود الماضى، فلم يذكره الإمام أصلًا، فضلًا عن أن يتكلف الجواب عليه، ثم وقفتُ على صحة ما قاله أبو داود، وأدركتُ أن هؤلاء الأئمة هم نقاد الإسلام حقّا، وجهابذة هذا الفن صدقًا، فأخرجه ابن أبى الدنيا في "قيام الليل" [رقم ٤٣٤]، من طريق على بن الجعد عن عليّ الرفاعى عن الحسن بنحوه مرسلًا. قلتُ: فصح كلام أبى داود بلا جدال، ولا علينا إلا التسليم له بكون الوهم في وقعه إنما هو من جعفر بن سليمان - وإن كان هو من الرفاعى أظهر - وعنه يقول البخارى: "يخالف في بعض حديثه" فالصواب في حديث أبى سعيد إنما هو الإرسال عن الحسن البصرى أيضًا.=