قلتُ: فكأنه يميل إلى ترجيح الوجه الأول؛ باعتباره زائدًا على غيره - من حيث إسناده - والزيادة من الثقة مقبولة. وأقول: وهذا يصادمه أمران: الأول: أن عاصمًا في حفظه شئ كما مضى، فَيَقْرُب: أن هذا الاختلاف ليس محفوظًا، وإنما أتِىَ من قبل سوء حفظ عاصم. والثانى: أن عاصمًا قد خولف في إسناده أيضًا! خالفه الإمام الأعمش - وهو أوثق الناس في أبى صالح - فرواه عن أبى صالح فقال: "عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قام أبو بكر ... " ثم ذكره. هكذا أخرجه النسائي في "الكبرى" [١٠٧٢٤]، "اليوم والليلة" [٨٨٨]،، من طريق أبى حمزة السكرى - الثقة المأمون - عن الأعمش به. وقد توبع عليه أبو حمزة: تا بعه شيبان النحوى، فرواه عن الأعمش مثله ... ذكره الدارقطنى في "علله" [١/ ٢٣٣]، ثم قال: "ولم يُسمِّ - يعنى شيبان - أبا هريرة ولا غيره". قلتُ: فهذا الوجه إسناده صحيح ثابت، وإبهام الصحابى لا يضره، بل لعله هو نفسه أبو هريرة المذكور في طريق عاصم، لكن قد اختلف على الأعمش فيه أيضًا، فرواه عنه أبو حمزة السكرى وشيبان النحوى على الوجه الماضى به. وخالفهما أبو معاوية الضرير وغيره فروياه - أو رووه - عن الأعمش فقالا - أو فقالوا - عن أبى صالح مرسلًا - يعنى منقطعًا - عن أبى بكر به. هكذا ذكره الدارقطنى في "علله" [١/ ٢٣٤]، ثم قال: "والمرسل هو المحفوظ". قلتُ: المراد بالمرسل: المنقطع، يعنى رواية أبى صالح عن أبى بكر. فسمَّاه الدارقطنى مرسلًا؛ لكون أبى صالح معروفًا بالإرسال عن أبى بكر، راجع "جامع التحصيل" [١٧٤]. =