أما أوله: "يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية ... " إلى قوله: " ... إذا اهتديتم ... " فلم أر أحدًا قال بكونه مرفوعًا، بل كلهم يذكرونه عن أبى بكر من قوله هو، لا يختلفون في ذلك. ثم رأيتُ الخطيب قد قال عقب روايته: "هكذا روى معاذ بن معاذ العنبرى هذا الحديث عن شعبة جعله كله من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ووهم في ذلك؛ لأن أول الحديث إنما هو من كلام أبى بكر الصديق إلى ما ذكر من الآية، وما بعد ذلك من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ". ثم قال: "وهكذا رواه إبراهيم بن إسحاق الحربى عن مثنى بن معاذ بن معاذ عن أبيه عن شعبة، وأحسب أن إبراهيم ردَّه إلى الصواب وكره مخالفة الناس؛ لأن المحفوظ عن معاذ بن معاذ من رواية ابنيه معًا - يعنى عبيد الله والمثنى ابنى معاذ بن معاذ العنبرى راوى الحديث عن شعبة - ما قدمناه". ثم ساق [١/ ١٤٣] رواية إبراهيم الحربى قال: نا مثنى بن معاذ نا أبى نا شعبة عن إسماعيل بن أبى خالد قال سمعت قيسًا يحدث عن أبى بكر أنه خطب فقال: "يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم ينكروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب". قلتُ: وهكذا رواه ابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى" [١/ رقم/ ٦٢] عن عبيد الله بن معاذ بن معاذ عن أبيه بإسناده به مثل رواية إبراهيم الحربى على الصواب. فالظاهر: أن ابن أبى عاصم كره مخالفة الناس هو الآخر، وردَّ الحديث إلى الجادة. وهكذا رواه جماعة منهم: غندر وروح بن عبادة وابن مهدى وعباد بن عباد المهلبى وعثمان بن عمر وغيرهم، كلهم رووه عن شعبة عن إسماعيل بن أبى خالد قال: سمعت قيس بن أبى حازم يحدث عن أبى بكر الصديق - رضى الله عنه - أنه خطب فقال: "يا أيها الناس إنكم تقرؤون =