قلتُ: إسناده على شرط مسلم. وقد جوده الحافظ في "الفتح" [١٠/ ١١٠]، لكن يعكر عليه أن على بن المدينى قد جزم في "علله الكبير" بكون أبى سفيان لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث فقط، حكاه عنه الحافظ في "التهذيب" [٥/ ٢٦]، وكذا قال شعبة كما حكاه عنه أبو حاتم الرازى .. راجع "المراسيل" [٥٥]. وهكذا قال أبو خالد الدالانى أيضًا، كما في "جامع التحصيل" [ص ٢٥٢]، قال الحافظ في "التهذيب" معلقًا على هذا: "قلتُ: لم يخرج له البخارى سوى أربعة أحاديث عن جابر، وأظنها التى عناها شيخه على ابن المدينى، ... ". ثم أشار الحافظ إلى هذه الأحاديث عند البخارى، فإذا كان الحافظ يُقر على ابن المدينى وغيره على ما قالوه بشأن سماع أبى سفيان من جابر، فكيف صح له أن يجود له هذا الحديث هنا!؟! وقد صح عن أبى سفيان أنه قال: "جاورت جابرًا بمكة ستة أشهر"، وصح عنه أنه قال: "كنتُ أحفظ، وكان سليمان اليشكرى يكتب ... " يعنى عن جابر، وهذا يرد على من جزم بكون حديث أبى سفيان كله عن جابر إنما هو كتاب، كما ورد عن شعبة وغيره. ونقل الترمذى في "علله" [ص ٤٤٧]، عن البخارى أنه قال: "كان يزيد أبو خالد الدالانى يقول: أبو سفيان لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث" قال البخارى: "وما يدريه؟! أولا يرضى أن ينجو رأسًا برأس حتى يقول مثل هذا؟! ". قلتُ: وهذا إنكار من البخارى على مَنْ زعم ذلك، فكأنه لم يصله قول شيخه ابن المدينى ولا ما حكى عن شعبة، والبخارى إمام الصنعة بلا جدال، ولا شك أيضًا أن ابن المدينى أعلم منه بالعلل والسماعات، لكن المثبت مقدم على النافى.=