فقد أخرجه الترمذى أيضًا في "علله الكبير" [رقم ٢١١]، ثم قال:"سألتُ محمدًا - يعنى البخارى - عن هذا الحديث فلم يعرفه من حديث سفيان بن حسين عن يونس بن عبيد عن عطاء، وقال: لا أعرف ليونس بن عبيد سماعًا من عطاء بن أبى رباح". قلتُ: وقول البخارى حمله جماعة من فضلاء المعاصرين على الجزم بعدم السماع مطلقًا، فحيثما يقول البخارى عن راوٍ ما: "لا أعلم له سماعًا من فلان" يعنى لم يسمع على الجزم عندهم، وهذا فيه نظر قد بسطناه في غير هذا المكان. والتحقيق عندى: أن هذه العبارة (لا أعرف له سماعًا من فلان) ونحوها يطلقها البخارى غالبًا. على إرادة نفى السماع البتة، فتكون بمعنى قولنا: (لم يسمع فلان من فلان)، لكنه يطلقها أحيانًا على سبيل غلبة الظن بمعنى عدم الوقوف على ما يدل على السماع، وعندنا أمثلة على ذلك مذكورة في سوى هذا المقام، والحاصل: أن الحديث معلول بما قاله البخارى من عدم علمه بسماع يونس بن عبيد من عطاء، لكن الحديث ثابت - بالزيادة الماضية - من طرق عن جابر دون قوله: (إِلَّا أن تُعلم)، وجملة النهى عن (الثنيا) دون استثناء عند مسلم وجماعة. فانظر ما مضى [١٨٠٦]، واللَّه المستعان. • تنبيه: وقع لحسين الأسد في تعليقه على هذا الحديث غفلة غريبة جدًّا، فإنه قال: "رجاله ثقات غير أنه منقطع، يونس بن عبيد هو ابن دينار العبدى لم يدرك جابرًا) هكذا قال، وواللَّه ما رأيتُ كاليوم عجبًا! متى وأين روى يونس بن عبيد هذا الحديث عن جابر حتى يُعلَّه هذا المعلَّق بالانقطاع؟! ليت شعرى أي شئ هذا؟! فالإسناد أمام عينيك: (عن يونس بن عبيد عن عطاء عن جابر ... ) فكيف زاغت الأبصار عن (عطاء)!؟ ولو أتعب نفسه قليلًا ونظر في مظان الحديث عند أبى داود والترمذى والنسائى وغيرهم حسبما يتفق له، لتدارك مثل هذه السقطات - عفوًا - بل الغفلات الشنيعة. ١٩١٩ - صحيح: دون قوله: (إِلَّا المعلم): أخرجه أحمد [٣/ ٣١٧]، والدارقطنى في "سننه" [٣/ ٧٣]، وابن الجوزى في "التحقيق" [٢/ ١٩١]، وفى "العلل المتناهية" [٢/ ٥٩٥]، =