وبهذه العلة: أعل الحديث شيخ الإسلام ابن حزم في كتابه "المحلى" [٧/ ٢٦٤]، فقال وهو يرد على خصومه الذين احتجوا بتلك الرواية: " ... فقد خالفوه وهم يصححونه، وأما نحن فلا نصححه؛ لأن أبا الزبير مدلس ما لم يقل في الخبر إنه سمعه من جابر، وهو أقر بذلك على نفسه، روينا ذلك عنه من طريق الليث بن سعد". قلتُ: وكذا ضعفه الإمام الألبانى - يرحمه الله - وبسط الكلام عليه في الضعيفة [١/ ١٥٧]. ثم جاء بعض المعاندين، وتعقب الإمام الألبانى في تضعيفه هذا الحديث، وقال في كتابه "تنبيه المسلم إلى تعدِّى الألبانى على صحيح مسلم" [ص ٨٦]، يرد عنعنة أبى الزبير: "صرح أبو الزبير بالسماع في "مستخرج أبى عوانة على مسلم" [٥/ ٢٢٨]، قال أبو عوانة بعد أن ذكر طرقه لهذا الحديث برواية زهير عن أبى الزبير، قال: "رواه محمد بن بكر عن ابن جريج: حدثنى أبو الزبير أنه سمع جابرًا يقول .... وذكر الحديث" ومحمد بن بكر هو ابن عثمان البرسانى، ثقة احتج به الجماعة". قلت: وهذه الشبهة في تصريح أبى الزبير بالسماع في هذا الحديث: قد أجاب عنها الإمام الألبانى في "الصحيحة" [٦/ ٤٦١]، فراجعه هناك. وجواب الإمام أجود بكثير من جواب الباحث طارق بن عوض الله المصرى في كتابه الطيب "ردع الجانى" [ص ١٧٢، ١٧٣]، وقد بسطنا الكلام على هذا الحديث في كتابنا الكبير: "غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار" أتمه الله بخير. لكن يقال: في تصحيح مسلم بن الحجاج لهذا الحديث دليل على كونه خاليًا من العلل عنده؛ فإما أن يكون قد وقف على تصريح أبى الزبير بالسماع من جابر في طريق آخر؛ أو يكون قد صحَّ عنده مَتْنُ الحديث بطرف أخرى أو شواهد ليس بالضرورة وقُوفُنا عليها؛ لأن عدم العلم ليس دليل العدم؛ ويكفى أن مسلمًا لم يخالفه غيره من حُذاق النقاد في إعلال هذا الحديث. فما أراه إلا ثابتًا لا محالة. ٢٣٢٥ - صحيح: مضى الكلام عليه [برقم ١٧٦٨، ١٨٧٢].