قلتُ: ولا أدرى من أيهما أتعجَّب أمن المقلَّد أم المقلِّد؟، وهل عبيد اللَّه بن عمر العمري الإمام الحافظ الثقة الثبت المحدث الجليل أصبح مجهولًا لا يعرف ونكرة لا تُتعرَّف؟، وكيف خفى على الهيثمي -وهو الحافظ المطَّلع- هذا فلم يدر أن عبيد اللَّه من مشاهير أصحاب الزهري؟، وقد يقال: "لعل الهيثمي وقع له الإسناد -عند الطبراني- هكذا "عبيد اللَّه بن عمر الزهري" فلم يعرفه، وهذا عندى بعيد جدًا، وهب أن ذلك راج على الهيثمي -لأمر من الأمور- فكيف يروج على حسين أسد وهو المتأخِّر المسْتدرك، ولو رجع الهيثمي أو أسد: إلى شيوخ عبدة بن سليمان وإلى تلاميذ الزهري من "تهذيب المزي" لانكشف لهما الغطاء، ولبرح عنهما الخفاء، لكن لم يأب حسين أسد إلا أن يأتي بداهية أخرى، فعاد ليقول عن شيخ المؤلف هنا: "وعبد اللَّه بن أبان الزراد الذى ترجمه البغدادي في تاريخ بغداد [٩/ ٤٢١]، وهو مجهول". قلتُ: كذا قال سامحه اللَّه، ولا يدرى أن الذى خلط في ترجمته ورماه بالجهالة هو الإمام المحدث الثقة: عبد اللَّه بن عمر بن محمد بن أبان الكوفي المشهور بلقب: "مُشْكدانة"، من رجال مسلم وأبي داود والنسائي. وهو من أشهر شيوخ المؤلف، وقد أكثر عنه في تواليفه، لكنه غالبًا لا يأتي باسمه على وجهه فتارة يقول: "حدثنا عبد اللَّه بن عمر بن أبان الكوفي" وتارة يقول: "حدثنا عبد اللَّه بن عمر الكوفي". وتارة يقول غير ذلك على عادة المحدثين في روم الاختصار في تعريف المشاهير من شيوخهم -باستثناء مَنْ عُرف بتدليس أسماء الشيوخ كالخطيب وغيره-. ولو كان حسين أسد قد رجع إلى ترجمة عبدة بن سليمان من "تهذيب المزي" [١٨/ ٥٣٢]، لرآه بعينى رأسه مذكورًا في تلامذته، ولكن إذا جاء القدر عمى البصر، والذى ترجمه الخطيب في "تاريخه" هو قريب من نفس طبقة شيخ المؤلف، لكنه غيره قطعًا. ووفاة الأول كانت: سنة "٢٣٩ هـ" والثاني: "٢٨٧ هـ ". فانتبه يا رعاك اللَّه. ٢ - صحيح: مضى تخريجه في الحديث [رقم/ ١٤٩].