للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= كما تقدم؛ فرواية عبد الصمد هذه جيدة، فإنه صدوق كما قال الذهبى؛ ولم يرو ما شذ به عن الثقات، بخلاف الطائفى وغيره كما رأيت، بل تابعه مؤمل بن إسماعيل كما ذكر المهروانى؛ فهو متابع لا بأس به لعبد الصمد، فإذا ضم إلى هذا الموصول: طريق ابن عيينة الأخرى عن عمرو بن دينار؛ أخذ الحديث قوة، وارتقى إلى درجة الصحة إن شاء".
قلتُ: وهذا كلام كله مدخول، والصواب مع أبي القاسم المهروانى من كون الصواب عن الثوري هو الإرسال، وهذا يؤيده ويقويه رواية الجماعة (ابن عيينة، ومعمر، وابن جريج) عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس به مرسلًا، والموصول عن الثوري غريب جدًّا، وعبد الصمد بن حسان وإن كان شيخًا صدوقًا، بل ثقة معروفًا؛ فلم يكن من أصحاب الثوري العارفين بحديثه؛ والمشهورين بالرواية عنه كالقطان وابن مهدى وأبى عاصم وابن المبارك والأشجعى وأبى نعيم والفريابي وأضرابهم، فأين كان هؤلاء عن هذا الحديث؟! بل وجدت الخليلى قد قال في ترجمة عبد الصمد بن حسان من كتابه "الإرشاد" [٣/ ٩٤٧]: " ... ويتفرد بأحاديث " ثم ساق له هذا الحديث.
وعادة الخليلى في "الإرشاد" قريبة من عادة ابن عدى والعقيلى وابن حبان وغيرهم ممن يذكرون في ترجمة الراوى أفراده ومناكيره وإن كان ثقة مشهورًا، وقد تتبعت ذلك في كتاب الخليلى "الإرشاد" بالاستقراء؛ ومن غربل تراجم رجاله فيه؛ علم صدق ما نقول؛ فلا يكون عبد الصمد بن حسان إلا وقد وهم على الثوري في وصله هذا الحديث.
أما متابعة مؤمل بن إسماعيل له على وصله عن سفيان؛ فلا عليك إن غسلتَ يديك منها بماء وأشنان، وقد سقط حديثه يوم أن تنسَّك ودفن كتبه، وسوء حفظه مما سارت به الركبان، وتناقلته الأزمان عبر الأزمان، وقد جمع الشيخ الناقد محمد عمرو عبد اللطيف - شفاه الله - جزءًا في أوهام المؤمل سماه: "الهجر الجميل لأوهام المؤمل بن إسماعيل" أو: "المعجم المعلل لشيوخ المؤمل" ولا أظنه مطبوعًا؛ كشف فيه الستار عن علل حديث المؤمل وأوهامه في مروياته؛ فماذا تكون قيمة روايته عن الثوري هنا؟! ولعله سمعه من الثوري مرسلًا فوصله، بل ربما يكون قد سمعه من غير الثوري رأسًا؛ ثم رواه عن الثوري؛ توهمًا أنه قد سمع منه، على عادة الضعفاء ومضطربي الحديث، وقد مضى عن الخليلى وأبى القاسم المهروانى أن عبد الصمد ومؤمل قد خولفا في وصل الحديث عن الثوري، خالفهما غيرهما، فرواه عن الثوري مرسلًا؛ ورجح المهرواني هذا الوجه الرسل عن الثوري كما مضى؛ فالقول ما قالت حذام. =

<<  <  ج: ص:  >  >>