وكم ينزلق المحدث أبو إسحاق بقدميه هذه المزالق الوعرة فيما يتعقب به جماعة الحفاظ في كتابه "تنبيه الهاجد" كأنه لم يكن يبالى بعدم ثبوت الطريق إلى ذلك المتابع الذي يدرأ بروايته قول من نفى ذلك من الأئمة الكبار، فأنَّى يتم له التعقب، وكيف يصح له؟! وكم قلنا بأن الأئمة قد يُطْلِقُون تفرد الراوى بالرواية، ومرادهم بذلك تفرده بالسياق لا بأصل الحديث، أو تفرده بزيادة وقعَت فيه مثلًا. وكم قلنا بأنهم قد يجزمون بكون فلان لم يروه عنه إلا فلان، ومرادهم أنه لم يصح إلا من طريق هذا عن ذلك فقط؛ لصحة الإسناد إليهما، وهم يعلمون أن ثَمَّ جماعة قد روى عنهم متابعة ذلك الراوى، لكنهم يُهْملون ذكر ذلك، لعدم ثبوت تلك المتابعات إلى أصحابها، وكذا لعدم شهرتها عندهم، وربما صحت المتابعة إلى صاحبها، لكنهم يتنكبون عنها لكون ذلك المتابع ليس بحجة عندهم، فتكون متابعته كعدمها. وأين هؤلاء المتعقبون - إلا من رحم ربى - على هؤلاء الأماجد من جميع ما مضى؟! فكأننا ننفخ في بُوق ليس له منفذ تُصَمُّ لصوته الأسماع، حتى عزمنا على وضْع كتاب نستدرك به على ما استدركه الشيخ المحدث النبيل أبو إسحاق الحوينى على جماعة من الكبار في كتابه "تنبيه الهاجد" دون مراعاة منه لمراد بعض الأئمة في إطلاقهم التفرد ونحوه، ولعلنا نسميه: "إيقاظ العابد بما وقع من النظر في تنبيه الهاجد" نذكر في مقدمته قواعد كلية، وقوانين ثابتة شمولية؛ لمن يريد التعقب على سلف الأئمة في مختلف الفنون، ثم نذكر قبل ذلك شروط صلاحية المتعقب لأئمتنا، ومن يُقبل قوله، ومن يُرد، مع ذكر أمثلة لذلك، وفوائد نفيسة، ونكت عزيزة، ونصائح وإرشادات، ثم نعرج على موضوع الكتاب، وذكر ترجمة حسنة للمتعقَّب عليه، ثم الولوج إلى مواطن النظر في "تنبيه الهاجد" على ترتيب حسن إن شاء الله، ونحن نجمع العزم لتحقيق ذلك الإيقاظ عاجلًا غير آجل؛ واللَّه من وراء القصد، وهو أعلم بمن زرع وحصد؛ والويل لى إن لم يتقبله الله منى. ٢٧٤٨ - منكر: أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" [٤٨٧]، ومن طريقه الجصاص في "أحكام القرآن" [٥/ ١٧٨ - ١٧٩]، والبيهقي في "سننه الكبرى" [١٣٢٢٩]، وفي "الصغرى" =