للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دع لى في جسدى منه ما أذكر به نعمك عليَّ، فترك له منه ما يذكر به نعمه عليه، وكان رجلًا يلزم المسجد في ناسٍ من أصحابه، وكان ابن عمٍ له يلزم السلطان، يُولع به، فإن رآه مع قومٍ أغنياء، قال: ما هو إلا يستأكلهم، وإن رآه مع قومٍ فقراء، قال: ما هو إلا يخدعهم، وأويسٌ لا يقول في ابن عمه إلا خيرًا، غير أنه إذا مر به استتر منه مخافة أن يأثم في سبه، وكان عمر بن الخطاب يسأل الوفود إذا قدموا عليه من الكوفة: هل تعرفون أويس بن عامرٍ القرنى؟ فيقولون: لا، فقدم وفدٌ من أهل الكوفة، فيهم ابن عمه ذاك، فقال: هل تعرفون أويس بن عامرٍ القرني؟ قال ابن عمه: يا أمير المؤمنين، هو ابن عمى، هو رجلٌ نذلٌ فاسدٌ لم يبلغ ما إن تعرفه أنت يا أمير المؤمنين، فاقال له عمر: ويلك هلكت، ويلك هلكت، إذا أتيته فأقرئه منى السلام، ومره فليفد إليَّ، فقدم الكوفة، فلم يضع ثياب


= قلتُ: وهذا حديث منكر بهذا السياق: وقد أخرجه الذهبي في "سير النبلاء" من طريق المؤلف [٤/ ٢٥٤]، ثم قال: "هذا حديث غريب تفرد به مبارك بن قضالة عن أبي الأصفر، وأبو الأصفر ليس بمعروف".
قلتُ: قد أورده ابن حبان في المجروحين [٣/ ١٥١]، وقال: "أبو الأصفر شيخ يروى عن صعصعة بن معاوية، روى عنه المبارك بن فضالة، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.". لكن لم يعجب الذهبي هذا الكلام فتعقبه في الميزان [٤/ ٤٩٢]، قائلًا: "أبو الأصفر عن صعصعة بن معاوية، تكلم فيه ابن حبان بلا حجة فقال: لا يحتج به". وأقول: ومن هذا الأصفر حتى يقال فيه: "تكلم فيه ابن حبان بلا حجة" بل أنت نفسك تقول: "أبو الأصفر ليس بالمعروف" إذًا فهو مجهول، والمجهول إذا انفرد بخبرٍ عن تقة ولم يتابعه أحد عليه صَدَقتْ كلمةُ ابن حبان فيه ولا كلام. فإذا كان في سياق حديثه نكارة ظاهرة فهو ضعيف مائل فإن روى مثله فهو تألف. ثم رأيتُ ابن معين قد ذكره في "تاريخه" [٤/ ٢٨٧/ رواية الدورى]، فقال: "مشهور" كذا قال، ولعل أصل قوله كان "غير مشهور". فسقطت "غير" من الناسخ؛ ثم استظهرت: أن "أبو الأصفر" ربما يكون هو "مروان الأصفر" التابعى المعروف من رجال التهذيب. فقد ذكروا في الرواة عنه "المبارك بن فضالة"، وذكروا أنه يروى عن "صعصعة بن عامر". وهو احتمال قوى. وعلى كل حال: فمبارك بن فضالة كثير الخطأ على تدليسه الشديد كما يقول أبو داود، لكنه صرح بالسماع. غير أنى وجدتُ: الحافظ قد اتهمه بتدليس التسوية أيضًا، ولست أدرى مَنْ سلفه في هذا، والقصة منكرة بهذا السياق. ولها طرق أخرى بسياقات مختلفة:=

<<  <  ج: ص:  >  >>