• ومداره على ثلاث علل: الأولى: بقية بن الوليد صدوق مشهور؛ لكنه كان يدلس التسوية، فنحتاج منه التصريح بالسماع في جميع طبقات الإسناد، وهذا مما لم يفعله هنا. والثانية: يوسف بن أبى كثير هو أحد شيوخ بقية الذين لا يعرفهم أحد من سكان الأرض سواه، وكان بقية مغرمًا بالراوية عن مثل ذلك الطراز من الأغمار. والثالثة: نوح بن ذكوان يقول عنه الحاكم: "يروى عن الحسن كل معضلة" وقال أبو سعيد النقاش: "روى عن الحسن مناكير"، وقال أبو نعيم: "روى عن الحسن المعضلات، وله صحيفة عن الحسن عن أنس لا شئ" وقال ابن حبان: "منكر الحديث جدًّا ... " ثم ساق له هذا الحديث في عداد مناكيره في "المجروحين" وكذلك فعل ابن عدى في "الكامل". وقد ذكر الإمام للحديث علة رابعة في "الضعيفة" [١/ ٤١٤]: فقال: "وهى عنعنة الحسن - وهو البصرى - فقد كان يدلس،؛ فلا تغتر بما نقله المنذرى عن البيهقى أنه صحح هذا الحديث، فإنه من زلات العلماء التى لا يجوز اقتفاؤها". قلتُ: ونسى الإمام أن الحسن البصرى من المكثرين عن أنس بن مالك؛ والمدلس إذا أكثر من الرواية عن شيخ ثم عنعن عنه؛ حملت عنعنته على السماع كما نص عليه الحميدى - شيخ البخارى - وغيره، راجع ما علقناه على الحديث الماضى [برقم ٢٧٥٦]. وقد وقفت للحديث على علة أخرى، فقد أخرج ابن أبى الدنيا في "إصلاح المال" [رقم ٣٦٨]، وعبد الرزاق في "تفسيره" [٣/ ٧١]، وأحمد في "الزهد" كما في "المقاصد" [ص ٦٨٧]، وغيرهم عن الحسن البصرى عن عمر بن الخطاب أنه قال: "كفى سرفًا أن لا يشتهى الرجل شيئًا إلا اشتراه فأكله" قال السخاوى في "المقاصد": "وهو منقطع"، يعنى بين الحسن وعمر، ثم ذكر رواية نوح بن ذكوان عن الحسن عن أنس .. ثم قال عقبها: "ونوح ضعيف، والأول أصح" يعنى أن الوجه الأول من رواية الحسن عن عمر موقوفًا هو المحفوظ عن الحسن البصرى؛ فالظاهر أن نوحًا رواه عن الحسن على هذا الوجه؛ لكنه نسيه أو غلط فيه؛ وأتى له بإسناد جديد عن الحسن بعد أن رواه بالمعنى، هذا إن لم يكن ذلك الإسناد من كيسه.