قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة، وأشعث هو ابن عبد الملك الحمرانى الثقة الفقيه المشهور كما جزم بذلك ابن حبان في "صحيحه" [٦/ ٩٠/ الإحسان]. والحديث أيضًا عند البزار [رقم ٤٤٢/ كشف]، من طريق حفص به ... وقد اختلف في سنده على حفص، فرواه عنه الجماعة على الوجه الماضى، وخالفهم جميعًا حسين بن يزيد الطحان، فرواه حفص بن غياث فقال: عن عاصم الأحول عن محمد بن سيرين عن أنس به بلفظ: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يصلى على الجنائز بين القبور). هكذا أخرجه الطبراني في "الأوسط" [٦/ رقم ٥٦٣١] ثم قال: "لم يرو هذا الحديث عن عاصم الأحول إلا حفص، تفرد به حسين بن يزيد". قلتُ: والمحفوظ هو الأول، وحسين الطحان هذا لين الحديث كما قال أبو حاتم؛ وهذا ما اعتمده الحافظ في "التقريب"، ولم يلتفت إلى توثيق ابن حبان له، وقد وجدت حسينًا رواه مرة أخرى عن حفص عن أشعث عن الحسن عن أنس به ... مثل رواية الجماعة عن حفص. هكذا أخرجه عنه ابن الأعرابى في "المعجم" [رقم ٢٢٧٣]، ولم ينتبه الهيثمى إلى غلط حسين الطحان في الإسناد الأول عند الطبراني، فذكر الحديث في "المجمع" [٣/ ١٤٤]، ثم قال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وإسناده حسن". وقد عرفت أن ذلك ليس بحسن، وكيف يكون المنكر حسنًا، وعلى كل حال: فالوجه الأول عن حفص بن غياث هو المحفوظ عنه؛ لكن حفصًا قد خولف في وصله، خالفه يحيى بن سعيد القطان الحافظ المغوار، فرواه عن أشعث بن عبد الملك فقال: عن الحسن به مرسلًا، لم يذكر فيه (أنسًا). هكذا أخرجه الترمذى في "العلل" [رقم ٧٧]، والعقيلى في "الضعفاء" [٢/ ١٥٦]، وقال الترمذى عقب روايته: "سألت محمدًا - يعنى البخارى - عن هذا الحديث، فقال: حديث الحسن عن أنس خطأ، وروى ابن عون عن الحسن عن أنس قال: رآنى عمر وأنا أصلى إلى قبر". =