وقد كان حفص قد تغير حفظه بآخرة، وكان يغلط إذا حدث من حفظه، بل قال داود بن رشيد: "حفص بن غياث كثير الغلط" وهذا فيه إفراط. لكن للحديث طريق آخر يرويه الأجلح بن عبد الله الكندى عن عاصم الأحول غن أنس به ... أخرجه البزار [رقم ٤٤١/ كشف]، وهذا إسناد ضعيف؛ والأجلح ضعيف على التحقيق كما شرحناه في غير هذا المكان؛ وقد خولف في وصله وسنده، خالفه محاضر بن المورع، فرواه عن عاصم الأحول عن ابن سيرين عن أنس أنه: "كان يكره أن يصلى على الجنائز بين القبور" هكذا أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" [٣٠٥٣]، وهذا هو الأشبه موقوفًا، ويؤيده رواية همام عن قتادة عن أنس نحوه موقوفًا عند ابن أبى شيبة [٧٥٨٠]، وسنده صحيح غاية. وللحديث طريق ثالث يرويه أبو معاوية الضرير عن أبى سفيان السعدى عن ثمامة بن عبد الله بن أنس به ... أخرجه البزار أيضًا [رقم ٤٤٣/ كشف]، وهذا سند واه، وأبو سفيان هو طريف بن شهاب السعدى، وهو إلى الترك أقرب منه إلى الضعف، راجع ترجمته من "التهذيب وذيوله"؛ وأبو معاوية الضرير إذا روى عن غير الأعمش خلط ما شئت، وثمامة ثقة مشهور. لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة بالنهى عن الصلاة في المقبرة أو إلى القبور، مضى منها حديث أبى سعيد الخدرى [برقم ١٣٥٠]، وحديث أبى مرثد الغنوى [١٥١٤]. ثم وجدت ابن حبان قد قال في "صحيحه" [٦/ ٩٣/ الإحسان]، بعد أن روى الحديث بالإسناد الأول من طريق حفص بن غياث عن أشعث عن الحسن عن أنس به ... قال: "ذِكْرُ الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به أشعث"، ثم قال: أخبرنا الحسن بن عليَّ بن هذيل القصبى بواسط، قال: حدثنا جعفر بن محمد ابن بنت إسحاق الأزرق، حدثنا حفص بن غياث عن أشعث وعمران بن حدير عن الحسن عن أنس: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة إلى القبور). =