قلتُ: مضى أن التحقيق في شأن جرى أنه صدوق حسن الحديث. نعم: قد روى بعضهم عن على خلاف ما رواه جرى عنه هنا، ولأجل ذلك حكم الإمام على تفرد جرى بذكر "القرن" فيه بالنكارة. والصواب عندى: أن الجمع بين الحديثين هو الواجب ما دام الرواة مقبولين، ولم نتيقن خطأ بعضهم فيه. والجمع ههنا ظاهر غير متكلَّف. وحاصل هذا: أن جرى قد روى آنفًا عن علي: النهى عن الأضحية العضباء القرن. وهو حديث حسن مرفوع كما مضى. ثم جاء حُجية بن عدى الكندى: وروى عن علي جواز ذلك في العضباء القرن! كما أخرجه الترمذى [١٥٠٣]، وأحمد [١/ ٩٥]، والدارمى [١٩٥١]، وابن خزيمة [٢٩١٥]، وجماعة. وسيأتى [برقم ٣٣٣]، وسنده قابل للتحسين. وطريقة الجمع بينهما أن يقال: حديث جرى في النهى مرفوع؛ وحديث حجية في الجواز موقوف. والمرفوع مقدم على الموقوف بلا شك؛ لأن الأول من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - والثانى من قول الصحابى. ولا يتعارض هذا بذاك، كما هو التحقيق عند جمهور العلماء، خلافًا للحنفية. وقد يقال أيضًا: لعل عليًا - رضي الله عنه - كان يرى النهى عن ذلك أولًا، فسمعه منه جُرى، ثم تغير اجتهاده بعد ذلك ورأى أن هذا جائز لا بأس به، وجعل على يفتى الناس به، فسمعه منه حجية بن عدى في تلك الحال. فاندفعت بذلك النكارة إن شاء الله. وللحديث: شاهد من طريق آخر عن علي به نحوه .. أخرجه عند الطيالسى [رقم ٩٧]، ومن طريقه البيهقى في "سننه"، وسنده تالف. والله المستعان. ٢٧١ - حسن: انظر قبله. ٢٧٢ - صحيح: أخرجه النسائي [٥١٤٧]، وابن ماجه [٣٥٩٥]، والبزار [٨٨٦]، وابن أبى شيبة [٢٤٦٥٩]، والبيهقى في "سننه" [٤٠١٩]، وفى "الشعب" [٥/ رقم ٦٥٨٢]، =