وقد عرفت: أن جماعة من الثقات قد رووه أيضًا عن حماد بسنده به مرفوعًا .. ، وقد بين عفان بن مسلم أن حمادًا هو الذي كان لا يضبط الحديث؛ فتارة يوقفه، وتارة يرفعه جازمًا؛ وتارة يرفعه على الحسبان والظن، وربما اتجه قول أبى زرعة وصاحبه: "هذا خطأ، إنما هو عن أنس موقوفًا" إلى حماد بن سلمة نفسه، كأنه كان يخطئ في رفعه، وهذا أولى أن يحمل عليه كلام ابنى الخالة الرازييين؟! رعاية لجلالتهما في الحفظ والاطلاع. * والحاصل: أن الصواب في الحديث هو الوقف. وتردد حماد في رفعه يؤيد الوقف أيضًا، لكن لم يرتض الإمام هذا كله، وصحح الحديث مرفوعًا على شرط مسلم في "الصحيحة" [٦/ ٦٣٩]، ثم قال عن تردد حماد في سنده وقفًا ورفعًا،: "ولا يضره شكه في رفعه، لأنه في حُكْمَ المرفوع كما هو ظاهر ... ". أقول: استصحاب حُكْمَ الرفْع لبعض الأخبار الموقوفة فيما لا يُدْرَكَ بالرأى قاعدة قال بها جماعة كثيرة من أهل العلم، وما نراها صوابًا قط، والقائلون بها الكثير منهم يتناقضون في إعمالها على وجوه شتى، وقد نقضناها بأدلة ناهضة في كتابنا "برهان الناقد حول منع الاعتكاف إلا في الثلاثة مساجد". وللحديث طريق آخر مرفوعًا: يرويه زيد بن الحباب عن الحسين بن واقد عن معاذ بن حرملة قال سمعت أنسًا يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تقوم الساعة حتى يمطر الناس مطرًا عامة، ولا تنبت الأرض شيئًا) أخرجه أحمد [٣/ ١٤٠]، والحاكم [٤/ ٥٥٩]، والمؤلف [برقم ٤٣٤٠]، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" [١/ ٢١٩]. وقد توبع عليه زيد بن الحباب: تابعه عليّ بن الحسين بن واقد عند البخارى في "تاريخه" [٧/ ٣٦٢]، معلقًا، وليس في هذا الطريق ما يعل به سوى معاذ بن حرملة راويه عن أنس، فقد تفرد عنه الحسين بن واقد بالرواية وحده ولم يوثقه سوى ابن حبان وحده، ولم يفعل شيئًا لما عُلم من فُحْشِ تساهله في توثيق أغمار تلك الطبقة من التابعين. وترجمة معاذ في "ثقات ابن حبان" [٥/ ٤٢٣]، كأنها منقولة من ترجمة معاذ في تاريخ البخارى [٧/ ٣٦٢]، =