للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "لا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدِّدَ اللهُ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشُدِّدَ عَلَيْهِمْ، فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} [الحديد: ٢٧]، ثُمَّ غَدَوْا مِنَ الْغَدِ، فَقَالُوا: نَرْكَبُ فَنَنْظُرُ وَنَعْتَبِرُ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَرَكِبُوا جَمِيعًا، فَإذَا هُمْ بِدِيَارٍ قَفْرٍ، قَدْ بَادَ أَهْلُهَا وَانْقَرَضُوا وَنُفُوا، خَاوِيَةٍ عَلَى عُرُوشِهَا، فَقَالُوا: أَتَعْرِفُ هَذِهِ الدِّيَار؟ قَالَ: مَا أَعْرَفَنِى بِهَا وَبِأَهْلِهَا، هَؤُلاءِ أَهْلُ دِيَارٍ أَهْلَكَهُمُ الْبَغِىُ وَالحسَدُ، إِنَّ الحسَدَ يُطْفِئُ نُورَ الحسَنَاتِ، وَالْبَغْىُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ، وَالْعَيْنُ تَزْنِى، وَالْكَفُّ، وَالْقَدَمُ، وَالْيَدُ، وَاللِّسَانُ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ".


= قلتُ: كأن الهيثمى صاحبه قد تابعا ابن حبان على توثيقه سعيد بن أبى العمياء، وهو شيخ لم يرو عنه سوى رجلين وانفرد ابن حبان بتوثيقه ومن طالع ترجمته من "ثقات ابن حبان" [٦/ ٣٥٤]، علم أنها كالنسخ من ترجمة (سعيد) في تاريخ البخارى [٣/ ٤٩١]، وصدق بذلك قول العلامة المعلمى اليمانى بكون ابن حبان يعتمد كثيرًا على كتاب (البخارى) في تراجم رجال الصدر الأول وما بعدهم، وابن حبان يقع جل تساهله في توثيق هؤلاء الطراز من النقلة، ومذهبه في التوثيق معلوم. وما زاد في ترجمة "سعيد بن أبى العمياء" على أن قال: (يروى عن سهل بن أبى أمامة، روى عنه ابن وهب" وفى هذا إشارة إلى كونه لا يعرفه أصلًا، فانتبه.
• والحاصل: أن آفة هذا الإسناد: هو جهالة حال سعيد بن أبى العمياء، وقد خولف في إسناده أيضًا؛ خالفه عبد الرحمن بن شريح المصرى، فرواه عن سهل بن أبى أمامة عن أبيه عن جده سهل بن حنيف بالفقرة الوسطى منه فقط مرفوعًا بلفظ: (لا تشددوا على أنفسكم؛ فإنما أهلك من قبلكم بتشديدهم على أنفسهم، وستجدون بقاياهم في الصوامع والديارات) فجعله من (مسند سهل بن حنيف).
هكذا أخرجه البخارى في "تاريخه" [٤/ ٩٧]، والطبرانى في "الكبير" [٦/ ٥٥٥١]، وفى "الأوسط" [٣/ ٣٥٧٨]، وابن قانع في "المعجم" [٤٨١]، والفسوى في "المعرفة" [١/ ٣٣٧ - ٣٣٨]، وغيرهم من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث عن عبد الرحمن بن شريح به.
قلتُ: وهذا إسناد صالح إن شاء الله، وليس يخفى علينا حال كاتب الليث وكلام النقاد فيه، بل الرجل عندنا ضعيف، مطلقًا دون تفصيل، اللَّهم إلا أننا نقبل من حديثه ما رواه عنه البخارى =

<<  <  ج: ص:  >  >>