وقال ابن عدى بعد ما ترجم لحميد الطويل في "كامله" لأجل ما رمى به من التدليس: "وأما ما ذكر عنه أنه لم يسمع من أنس إلا مقدار ما ذكر؛ وسمع الباقى من ثابت عنه؛ فإن تلك الأحاديث يُميِّزه مَنْ كان يتهمه أنه دلَّس عن ثابت؛ لأنه قد روى عن أنس، وروى عن ثابت عن أنس أحاديث، فأكثر ما في بابه أن الذي رواه عن أنس البعض مما يدلسه عن أنس، وقد سمعه من ثابت، وقد دلس جماعة من الرواة عن مشايخ قد رأوهم" وقال ابن حبان في "صحيحه": "ما سمع حميد عن أنس إلا ثمانية عشر حديثًا، والآخر سمعها من ثابت عن أنس" وقال في "الثقات": "كان يدلس؛ سمع من أنس بن مالك ثمانية عشر حديثًا، وسمع الباقى من ثابت، فدلس عنه" وقال أحمد بن هارون الحافظ: "وأما حميد؛ فلا يحتج منه إلا بما قال: حدّثنا أنس" وقال الذهبى: (يدلس عن أنس) وذكره الحافظ في المرتبة الثالثة من كتابه "طبقات المدلسين" [ص ٣٨/ رقم ٧١]، وهذه المرتبة هي: (من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم، إلا بما صرحوا فيه بالسماع، ومنهم من رد حديثهم مطلقًا، ومنهم من قبلهم ... ) قال الحافظ: "حميد الطويل صاحب أنس، مشهور كثير التدليس عنه، حتى قيل: إن معظم حديثه عنه بواسطة ثابت وقتادة، ووصفه بالتدليس النسائي وغيره، وقد وقع تصريحه عن أنس بالسماع وبالتحديث في أحاديث كثيرة في "البخارى" وغيره" وقال في "التقريب": "ثقة مدلس" ... قلتُ: هذا كله هو أكثر ما صح من كلامهم بشأن تدليس حميد عن أنس، والذى يظهر لى من ذلك: أنه مكثر من التدليس عن أنس مع إكثاره من الرواية عنه، وحكم المدلس المكثر عن شيخ لازمه وأكثر عنه قد مضى مرارًا؛ وهو قبول عنعنته ما لم يظهر الانقطاع، أما تحديد ما سمعه حميد من أنس بمثل العدد الذي ذكره شعبة وابن حبان؛ فهذا مبناه على غلبة الظان عندهما، وإلا فالواقع الملموس ينقض كلامهما نقضًا حثيثًا، وقد صرح حميد بسماعه من أنس بشئ كثير كما قال الحافظ في "التهذيب". وكان حميد يفسد أحاديث كثيرة على شعبة؛ لما كان يقابله به من الشدة والصلف، فصح عن حماد بن سلمة أنه قال: (جاء شعبة إلى حميد فسأله عن حديث لأنس؛ فحدثه به، فقال له شعبة: سمعته من أنس؟! قال: فيما أحسب، فقال شعبة بيده هكذا، وأشار بأصابعه: لا أريده، ثم ولى، فلما ذهب قال حميد: سمعته من أنس كذا وكذا مرة، ولكننى أحببت أن =