فلعل ما صرح حميد فيه بالسماع من أنس لشعبة؛ إنما هو بمقدار ذلك العدد الذي ذكره شعبة، على أنه قال: (والباقى سمعها من ثابت، أو ثبته فيها ثابت) فالجملة الأخيرة لا تعنى عدم السماع؛ بل تعنى: أن حميدًا كان يسمع الحديث من فم أنس - رضى الله عنه - ثم ينشغل عنه زمانًا أو لا يضبطه؛ فربما أتى ثابتًا البنانى وسأله أن يثبته فيه، كأن يقول له: هل سمعت أنسًا يقول كذا وكذا؟! فإن أجابه ثابت بنعم؟ ذهب حميد يرويه عن أنس وربما أدخل ثابتًا بينه وبين أنس في بعض الأخبار؟ فكونه قد ثبته فيها، ومثل هذا الحال: لا يقال فيه: لم يسمع حميد من أنس، وأرى أنه ينبغى حمل ما وصف به حميد من كثرة التدليس عن أنس على تلك الصورة المذكورة، وقد رأيت أنها ليست بتدليس على مراد الأكثرين، ثم لو صح أن حميدًا كان كثيرًا ما يسمع ثابتًا يحدث عن أنس؛ فيدلسه ويروى الحديث مباشرة عن أنس، لما كان ذلك داعيًا إلى التوقف في رواية حميد المعنعنة عن أنس، فقد مضى أن الواسطة التى يدلسها حميد عن أنس هي (ثابت البنانى) وهو ثقة ثبت عالم؛ فتكون رواية حميد صحيحة على كل حال كما أشار إلى ذلك الصلاح العلائى فيما مضى؛ بل إنى لا أعلم حميدًا دلس ضعيفًا قط، فيذهب بهذا التحرير قول أحمد بن هارون: "وأما حميد، فلا يحتج منه إلا بما قال: حدّثنا أنس" - أدراج الرياح؛ لأنه قول بلا برهان، وفى المقام بسط بأكثر من هذا، ويكفى ما ذكرناه. والله المستعان. ٣٧١٩ - صحيح: انظر قبله. ٣٧٢٠ - صحيح: أخرجه البخارى [٦٨٧، ٦٩٢]، وأحمد [٨١٤، ٨٤٥]، وأحمد [٣/ ١٠٣، ١٢٥، ٢٢٩، ٣٦٣، ٢٦٣]، وابن حبان [٢١٧٣]، وابن أبى شيبة [٣٥٢٤]، وعبد بن حميد في "المنتخب" [١٤٠٦]، والبيهقى في "سننه" [٢١٢١، ٢١٢٢]، والخطيب في "تاريخه" =