وعلى كل حال: فسواء كان الصقر هذا كذابًا أو مغفلًا؛ فحديثه هذا باطل موضوع لا أصل له من رواية ابن إدريس عن المختار بن فلفل، وقد رواه جماعة من الهلكى عن المختار أيضًا، وكذا له طرق أخرى عن أنس به، ولا يصح من ذلك شئ ولا بعض الشئ، بل الحديث على نكارة أسانيده: منكر المتن أيضًا، فقال الحافظ في ختام كلامه عليه في اللسان [٣/ ١٩٣]: "لو صحَّ هذا، لما جعل عمر الخلافة في أهل الشورى، وكان يعهد إلى عثمان بلا نزاع، والله المستعان" وقال في "المطالب": "لو كان هذا وقع؛ ما قال أبو بكر للأنصار: قد رضيتُ لكم أحد الرجلين: عمر، أو أبا عبيدة، ولما قال عمر: الأمر شورى في ستة". قلتُ: وأصل الحديث صحيح ثابت في "الصحيحين" وغيرهما عن أبى موسى الأشعرى به نحوه دون التنصيص على الخلافة، وكذا دون قول عثمان في آخره، فانتبه؛ وقد استوفينا الكلام على هذا الحديث في مكان آخر. والله المستعان. • تنبيه مهم: وهنا شاردة غريبة جدًّا، فقد رأيت البدر العينى قد ساق هذا الحديث من طريق المؤلف في "عمدة القارى" [١٦/ ١٧٧]، ثم قال: "رواه أبو يعلى الموصلى من حديث المختار بن فلفل عن أنس، وقال: هذا حديث حسن" كذا قال، وليت شعرى، أين وجد تحسينه عن أبى يعلى؟! وليس من عادة أبى يعلى أن يحكم على الحديث عقب روايته أصلًا، ولم أجد أحدًا وصف هذا الحديث بالحسن البتة، بل أنكروه عن بكرة أبيهم، فليس لحسنه هذا معنى لا بسنده؛ ولا بمتنه، فتعدُّ هذه من أغلاط العينى وأوهامه الكثيرة في "عمدته". ٣٩٥٩ - صحيح: أخرجه مسلم [١٩٦]، والبيهقى في "سننه" [١٧٤٩٢]، وفى "الدلائل" [رقم ٢٢٢٥]، وفى "الاعتقاد" [ص ١٩١]، وابن منده في "الإيمان" [٢/ رقم ٨٨٥، ٨٨٩، ٨٩٠]، وابن عرفة في جزئه [برقم ١١]، ومن طريقه أمة الله مريم بنت أبى القاسم المقدسية في "مسنده" [رقم ٩]، والخطيب في "تاريخه" [١٢/ ٤٠٠]، وأبو عوانة [رقم ٢٤٢، ٢٤٣]، والبغوى في "شرح السنة" [٧/ ٤٤٧]، وابن أبى داود في "البعث" [رقم ٢٦]، =