قلتُ: وهذه متابعة لا تثبت، وابن حميد واهٍ عندهم، ثم إن مهرانًا هذا مختلف فيه، وكان عنده غلط كثير في حديث سفيان كما قاله ابن معين، راجع ترجمته من "التهذيب وذيوله"؛ وأما رواية أبى عامر الأسدى: فقد أخرجها ابن أبى حاتم في "تفسيره" [٨/ رقم ١٤٣٠١]، والبزار في "مسنده" كما في "تفسير ابن كثير" [٤/ ١٢١]، وسند ابن أبى حاتم صحيح إلى أبى عامر الأسدى عن الثورى به. قلتُ: ولكن من يكون أبو عامر الأسدى هذا؟! نعم: قد مضى قول أبى إسحاق الحوينى عقب قوله: (حدّثنا أبو عامر ... ) قال: "واسمه عبد الملك بن عمرو العقدى" وهذه غفلة منه تبع فيها ابن كثير، فإنه قال في "تفسيره" [٣/ ٧٦١]، يتعقب قول النسائي: "لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث عن سفيان غير الأشجعى ... " قال: "كذا قال، وقد تقدم - يعنى الحديث - من رواية أبى عامر عبد الملك بن عمرو الأسدى وهو العقدي عن سفيان". قلتُ: وهم في ذلك بلا تردد، فإن أبا عامر الأسدى لم يقع منسوبًا؛ فتفسيره بكونه هو عبد الملك بن عمرو العقدى: كأنه على غلبة الظن القائمة على إكثار أبى عامر العقدى من الرواية عن الثورى؛ بحيث إذا وقع في إسناد حديث غير منسوب؛ انصرف الإطلاق إليه؛ لكن كيف غاب عن أبى الفداء بن عمر أنا أبا عامر عبد الملك بن عمرو عقديُّ النسبة من بنى قيس صليبًا فيهم؟! والراوى عن الثورى هنا قد نُسب أسديًا. ثم نُعرِّج على أبى إسحاق الحوينى فنقول له: كيف فاتك النظر في شيوخ منجاب بن الحارث - وهو راويه عن أبى عامر الأسدى - من "التهذيب"؟! وقد ذكر المزى في "شيوخه" [٢٨/ ٤٩١]: (أبا عامر القاسم بن محمد الأسدى) والقاسم هذا ترجمه البخارى في "تاريخه" [٧/ ١٦٤]، ونصَّ على روايته عن الثورى، ومثله ابن أبى حاتم في "الجرح والتعديل" [٧/ ١١٩]، ونقل عن أبيه أنه سمع الثورى، وروى عنه منجاب بن الحارث وأبو تُميلة فقط، فهو المراد هنا بلا تردد. ثم إنى لم أقف له على توثيق معتبر، ولم يذكره أبو حاتم بشئ! وهو متابع فيه على كل حال. ثم رأيتُ أبا الفضل ابن عمار الجارودى قد انتقد هذا الحديث على الإمام أبى الحسين النيسابورى، في كتابه "علل أحاديث في صحيح مسلم" [رقم ٣٤]، فقال:=