قلت: هكذا سكت عن الترجيح بين هذه الوجوه، كأنه لم يصح عنده في ذلك شئ، ورواية الثورى الموصولة هي أرجح تلك الألوان كلها؛ أما رواية شريك القاضى، فقد مضى الكلام عليها؛ وأما رواية عمارة بن القعقاع المرسلة، فلم أقف عليها بعد، وعمارة ثقة مشهور. ثم جاء الأعمش وخالف الجميع، ورواه عن الشعبى قال: (يقال للرجل يوم القيامة: عملت كذا وكذا؟! فيقول: ما عملته؛ فيختم على فيه، فينطق جوارحه، أو قال: ينطق لسانه، فيقول لجوارحه: أبعدكُنَّ الله، ما خاصمتُ إلا فيكنَّ) هكذا أوقفه عليه. أخرجه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" [ص ٨٠]، بإسناد قوى إلى الأعمش به ... قال الحاكم: "قد أعضله الأعمش، وهو عن الشعبى متصل مسند مخرج في صحيح مسلم". قلتُ: وفيه عنعنة الأعمش، ومن طريقه رأيتُ الطبرى قد أخرجه في "تفسيره" [١٠/ ٤٥٧]، وقد يكون الحديث محفوظًا من تلك الأوجه كلها، فالشعبى فقيه عالم كبير؛ فلعله كان يرسله في مذاكرة؛ أو يُطلقه في مجلس وعظٍ ونحوه؛ فِإذا جاء وقت التحديث أسنده وجوده، ولو كُتب علينا سلوك الترجيح ولا بد؛ فرواية الثورى الموصولة هي الأجود إسنادًا ومتنًا، ويكفى احتجاج مسلم بها في "صحيحه". وقد مضى أن أبا زرعة الرازى قد قدمها على رواية شريك القاضى، أما استغرب النسائي للحديث، فهو كما قال. والغرابة هنا لا تناهض صحته. واللَّه المستعان. ٣٩٧٦ - صحيح: هذا إسناد ضعيف؛ رجاله كلهم ثقات سوى أشعث بن سوار، فهو ضعيف عندهم، لكن للحديث طريق آخر عن أنس به نحوه بسياق أتم ... يأتى [برقم ٤١٢٤]،=