وينقدح في نفسى أن يكون المغيرة بن حبيب - راويه عن مالك - هو الواهم فيه، فهو مع كونه روى عنه جماعة من "الثقات" ووثقه ابن حبان؛ إلا أن الحافظ الأزدى قد غمزه وقال: (منكر الحديث) وقال ابن حبان بعد أن ذكره في "الثقات" (٧/ ٤٦٦]: (يغْرِب) راجع ترجمته من "اللسان" [٦/ ٧٥]، و"التعجيل" [ص ٤٠٩]. فقد يكون اضطرب في سنده؛ فتارة يرويه عن مالك عن ثمامة عن أنس، وتارية يرويه عن مالك عن أنس بلا وسطة، كأنه كان لا يضبطه، وهذا أولى عندى من تخطئة يزيد بن زريع - راويه عن هشام الدستوائى - فضلًا عن تخطئة هشام روايه عن المغيرة. أما ترجيح الدارقطنى لرواية مَنْ رواه عن المغيرة عن مالك عن أنس بواسطة (ثمامة)؛ فذلك لكون المغيرة قد توبع عليه هكذا عن مالك به ... تابعه الحسن بن أبى جعفر وصدقة بن موسى كما مضى. نعم: قد رأيت المغيرة قد توبع على الوجه الآخر عن مالك عن أنس به ... دون واسطة، فقال الإمام في "الصحيحة" [١/ ٥٢٢]، بعد أن تكلم على طريق المغيرة بن حبيب عن مالك عن أنس به ... قال: "وقد تابعه إبراهيم بن أدهم حدّثنا مالك بن دينار به ... أخرجه أبو نعيم في "الحلية" [٨/ ٤٣ - ٤٤]، وقال: "مشهور من حديث مالك عن أنس، غريب من حديث إبراهيم عنه" قلتُ: القائل هو الألبانى - وهو - يعنى ابن أدهم - ثقة زاهد مشهور، وثقه جماعة من الأئمة كابن معين وغيره؛ فهى متابعة قوية للمغيرة؛ فبذلك يصير الحديث صحيحًا". قلتُ: وما أجاد الإمام في هذا، ومَنْ له أن تلك المتابعة ثابتة عن إبراهيم؟! فلو لم يكن قول أبى نعيم: "غريب من حديث إبراهيم عنه" بمدعاة للتمهّل وعدم العجلة بنسبة ذلك إليه؛ لكان النظر في طريق أبى نعيم إليه كافيًا في التنكب عن تلك المتابعة من أول وهلة، ففى الطريق إليه محمد بن سهل العطار، وأراه المّترجم في "اللسان" [٥/ ١٩٤]، وعنه يقول أبو أحمد الحاكم:=