هكذا أخرجه البزار في "مسنده" [٣/ رقم ٢١٣٩/ كشف الأستار]، قال: حدّثنا رزق الله بن موسى به ... قال البزار: "لا نعلم رواه عن الأعمش إلا الحمانى، وإنما ذكرت هذا؛ لأبين أن الأعمش سمع من أنس". قلتُ: وفى كلامه مناقشات من وجوه: الأول: أن الحمانى لم ينفرد به عن الأعمش، بل تابعه أبو أسامة كما عند المؤلف والطبرى، نعم: إن كان البزار يقصد تفرد الحمانى عن الأعمش بسماعه أنسًا في هذا الطريق بخصوصه، فهو كما قال، لكن يبقى النظر في ثبوت ذلك عن الحمانى. والثانى: أن رزق الله بن موسى - وهو صدوق يخطئ - وجعفر بن محمد بن عمران قد خولفا في تصريحهما بسماع الأعمش أنسًا من طريق عبد الحميد الحمانى عنه، خالفهما عباس الدورى، ذلك الحافظ المتقن، فرواه عن عبد الحميد الحمانى عن الأعمش عن أنس به نحوه ... ولم يذكر فيه سماعًا. هكذا أخرجه عباس الدورى في "تاريخه" عن ابن معين [٣/ ٢٣٨]، وتوبع عليه هكذا أيضًا: تابعه موسى بن عبد الرحمن المسروقى الثقة الصدوق قال: ثنا عبد الحميد الحمانى عن الأعمش قال: قرأ أنس ... وذكره، ولم يذكر فيه سماعًا أيضًا، هكذا أخرجه الطبرى في "تفسيره" [١٢/ ٢٨٢]، حدثنى موسى بن عبد الرحمن به ... قلتُ: وهذا أصح عند الترجيح؛ لأن رزق الله بن موسى وصاحبه كلاهما دون عباس الدورى وصاحبه في الإتقان والضبط، ثم إن عبد الحميد الحمانى مختلف فيه، وثقه جماعة، وضعفه آخرون، فكأنه الواهم فيه، ولو لم يثبت عنه سوى الطريق الأول الذي فيه سماع الأعمش من أنس، لما كان يكون ذلك منه مقبولًا قط، فقد خالفه حماد بن أسامة الإمام الحافظ الثقة المأمون - وهو أثبت منه عشرين مرة - فرواه عن الأعمش (أن أنس قرأ هذه الآية ... إلخ). =