للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قلتُ: والأمر كما قال؛ وفي المسألة خلاف معروف معتبر، ولعل جعفر بن سليمان كان يرى عدم التفرقة في قول الصحابي: (قال لنا رسول الله ... ) وبين قوله: (أمرنا) أو (نُهينا) ونحو ذلك؛ فربما سمع الحديث بلفظ أحدهما؛ ولم ير بأسًا في التحديث به على الوجه الثاني؛ لاتفاقهما في المعنى.
وقد يكون سمعه من أبي عمران تارة هكذا، وتارة هكذا، فرواه عنه من رواه على الصيغتين، إلا أن المشهور عنه هو الوجه الأول: (وقت لنا) بالبناء للمجهول، ويدل على تلك الشهرة قول أبي داود الماضي؛ وكذا قول ابن عدي عقب روايته الحديث من طريق صدقة بن موسى: "رواه عن أبي عمران: صدقة بن موسى وجعفر بن سليمان؛ فقال صدقة: "وقت لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" وقال جعفر: "وقت لنا في حلق العانة" فذكره، ما أعلم رواه عن أبي عمران غيرهما".
قلتُ: ولا يحسن التعقب على أبي أحمد الجرجانى بكون إبراهيم بن سالم النيسابورى قد قال: حدّثنا عبد الله بن عمران عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك قال: (وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحلق الرجل عانته كل أربعين يومًا .. ) وساقه نحوه في سياق أطول منكر جدًّا، أخرجه ابن عدي نفسه في "الكامل" [١/ ٢٦١]، في ترجمة (إبراهيم بن سالم) هذا، مع أحاديث أخرى من طريقه، ثم قال: "وهذه الأحاديث ... هنا كلها مناكير".
وقبل ذلك قد قال في أول ترجمته: (يروى عن عبد الله بن عمران بأحاديث مسندة عداد مناكير، وعبد الله بن عمران بصري لا أعرف له عند البصريين إلا حديثًا واحدًا ... ) ثم ساق له هذا الحديث من رواية إبراهيم بن سالم عنه، ومن طريقه ساق الذهبى الحديث بطوله من هذا الطريق في الميزان ثم قال: "وهو منكر" ورأيت الحافظ قد أشار إلى هذا الطريق في "الفتح" [١٠/ ٣٤٦]، فقال: "وأخرجه ابن عدي من وجه ثالث من جهة عبد الله بن عمر شيخ بصري [بالأصل: مصرى] عن ثابت [كذا، والصواب: (عن أبي عمران)] عن أنس .... لكن أتى فيه بألفاظ مستغربة ... ". ثم ساق بعض الحديث وقال: "وعبد الله والراوى عنه مجهولان".
قلتُ: والمتابعة ما لم تكن ثابتة إلى المتابع؛ أو كان المتابع نفسه ليس بحجة؛ فلا يحسن آنذاك مطلق التعقب على من نفاها من النقاد المتقدمين، وقد بسطنا هذا المعنى مع أمثلة له في كتابنا: "إيقاظ العابد بما وقع من النظر في تنبيه الهاجد".
• والحاصل: أن الحديث قوى ثابت يحتج به؛ نعم قد نهض ابن عبد البر في "التمهيد" [٢١/ ٦٨]، والاستذكار [٨/ ٣٣٦ - ٣٣٧] لتضعيف هذا الحديث، وما برح يطعن في نحره =

<<  <  ج: ص:  >  >>