وموسى هذا ساقط الحديث جدًّا، قال البخارى: "أحاديثه مناكير" وقال ابن معين - في رواية - وأبو داود: "لا يكتب حديثه" وقال أبو زرعة وأبو حاتم: "منكر الحديث" وزاد الثاني: "وأحاديث عقبة بن خالد السكونى التى رواها عنه من جناية موسى، ليس لعقبة فيها جرم" وقد تكلم فيه سائر النقاد وأثخنوه جراحًا، وقال الطبراني عقب روايته: "لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد؛ تفرد به عقبة". قلتُ: وعقبة ثقة صالح. والآفة في تلك المناكير التى يرويها من طريق موسى بن محمد بن إبراهيم؛ إنما الحمل على موسى فيها كما قال أبو حاتم آنفًا، وقد رأيت ابن أبى حاتم في "العلل" [رقم ٢٢١٤]، وقد سأل أباه عن هذا الحديث مع أحاديث أخر من طريق عقبة بن خالد عن موسى بن محمد، فقال أبو حاتم: "هذه أحاديث منكرة؛ كأنها موضوعة، وموسى ضعيف الحديث جدًّا، وأبوه محمد بن إبراهيم التيمى: لم يسمع من جابر ولا من أبى سعيد، وروى عن أنس حديثًا واحدًا". قلتُ: وقد أعله الهثيمى بعلة غريبة، فقال في "المجمع" [٥/ ٢٠]: "رجال الطبراني ثقات، إلا أن عقبة بن خالد السكونى لم أجد له من محمد بن الحارث سماعًا" وتعقبه الإمام في "الضعيفة" [٢/ ٤١١/ رقم [٩٨٠]، قائلًا: "قلتُ: محمد بن الحارث والد موسى؛ لكنه نسب إلى جده؛ فإنه محمد بن إبراهيم بن الحارث كما عرفت من ترجمة ابنه؛ والحديث من رواية الولد عن أبيه، كذلك أخرجه الحاكم وغيره كما تقدم عن عقبة بن خالد عن موسى بن محمد عن أبيه؛ فالظاهر أنه سقط من إسناد الطبراني أو من ناسخ كتابه قوله: (عن أبيه) فصار الحديث منقطعًا بين عقبة ومحمد بن الحارث، والله أعلم". قلتُ: كأن الإمام لم يقف على سند الطبراني، فإنه متصل ليس فيه سقْطٌ، فإن كان لا بد من ذلك السقط؛ لأجل الاعتذار عن الهيثمى، فيقال: لعل هذا السقط وقع في نسخة الهيثمى من "أوسط الطبراني" ثم إن هذا السقط - على افتراض وجوده - يكون لقوله: (عن موسى بن) وليس لقوله: (عن أبيه) كما ظن الإمام. وللحديث شواهد ساقطة؛ لم نستجز تسويد القرطاس بها، فقول المناوى في "الفيض" [١/ ٤٥٢]: "له شواهد كثيرة" فمما لا يفرح به، والله المستعان.