قلتُ: ولا تعارض عندى بين الوصل والإرسال؛ لاحتمال أن يكون نافع كان ينشط فيجوده؛ ثم يفتر فيرسله، وهذا أولى من توهيم مالك فيه، أو من توهيم أيوب ومن معه في وصله، وقد قال ابن عبد البر أيضًا [١٦/ ١٣٢]: "والدليل على أن هذا الحديث، عن سائبة عن عائشة مُسْنَدًا: أن هشام بن عروة يرويه عن أبيه عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .... ". قلتُ: ومدار الحديث مرسلًا ومتصلًا: على السائبة مولاة الفاكه بن المغيرة؛ وقد مضى أنها امرأة مجهولة الصفة، انفرد عنها نافع بالرواية؛ ولم يوثقها إلا ابن حبان وحده، على عادته في توثيق من لا يعرف من أهل تلك الطبقة. ولنافع في هذا الحديث إسناد آخر، يرويه عن ابن عمر عن أبى لبابة الأنصارى قال: (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل الجنان التى تكون في البيوت إلا الأبتر وذا الطفيتين؛ فإنهما اللذان يخطفان البصر، ويتتبعان ما في بطون النساء). أخرجه مسلم [٢٢٣٣]، وجماعة كثيرة؛ لكن اختلف على نافع من هذا الوجه فيه، كما بسطناه في "غرس الأشجار". وحديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الذي أشار إليه ابن عبد البر آنفًا: قد أخرجه البخارى [٣١٣٢]، ومسلم [٢٢٣٢]، وابن ماجه [٣٥٣٤]، وجماعة كثيرة، ولفظه: (اقتلوا ذا الطفيتين؛ فإنه يطمس البصر ويصيب الحبل) هذا سياق البخارى. وأخرجه أحمد [٦/ ٢٩]، من هذا الطريق بسياق أتم نحو سياق المؤلف هنا، لا ينقص عنه شيئًا، ومثله أبو نعيم في "الحلية" [٩/ ٢٢٦ - ٢٢٧]. ورواه الليث بن أبى سليم عن القاسم بن أبى بكر الصديق عن عائشة به نحو سياق المؤلف هنا أيضًا ... عند أحمد [٦/ ١٥٧]، والليث ضعيف. وفى الباب عن جماعة من الصحابة به نحوه - يأتى منهم حديث عبد الله بن عمر [برقم ٥٤٢٩، ٥٤٩٣، ٥٤٩٨، ٥٥٤٠]، والله المستعان.