قلتُ: هكذا رواه أصحاب الثوري عنه؛ وخالفهم رواد بن الجراح، فرواه عن سفيان فقال: عن أبي إسحاق عن الحارث الأعور عن عليّ بن أبي طالب به نحوه. هكذا ذكره الدارقطني في "العلل" [٣/ ١٦٤]، ثم قال: "ووهم فيه، - يعنى روادًا - ... وإنما رواه الثوري عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة". قلتُ: وهذا هو المحفوظ عن الثوري: وهو الذي تابعه عليه شعبة وزهير والأعمش وأبو الأحوص وأبو عوانة وشريك وإسماعيل بن أبي خالد وحمزة الزيات وغيرهم؛ كلهم عن أبي إسحاق به نحوه ... وبعضهم في سياق أتم ... ورواية أبي عوانة تأتي عند المؤلف [برقم ٤٧٩٤]. والحديث سنده صحيح على شرط الشيخين؛ وأبو إسحاق قد صرح فيه بالسماع من رواية زهير بن معاوية وغيره عنه؛ وأيضًا فقد رواه عنه شعبة؛ وهو ممن لا يحمل عن شيوخه المدلسين إلا ما ثبت سماعهم له ممن فوقهم؛ وروايته مع رواية الثوري: تدرأ ما قيل بشأن اختلاط أبي إسحاق، لكونهما ممن حمل عنه قديمًا باتفاق النقاد. لكن في متن الحديث حرف قد أخذ على أبي إسحاق فيه، وهو قوله: (لا يمس ماء) فقد حكى ابن رجب في "الفتح" [٢/ ٦٠]، اتفاق أئمة الحديث من السلف على إنكاره على أبي إسحاق، وتخطئته فيه، وذكر منهم (إسماعيل بن أبي خالد، ويزيد بن هارون، وأحمد بن حنبل وأبا بكر بن أبي شيبة، ومسلم بن الحجاج، وأبا بكر الأثرم، والجوزجاني، والترمذي والدارقطني .. ) وكذا الثوري وأحمد بن صالح وجماعة غيرهم. وقول هؤلاء هو المتبع بلا شك عندي، بل ومقدم على كل من خالفهم فيه، لولا أنى تأملت سبب ما جعلهم يحملون على أبي إسحاق فيه، ويجزمون بتوهيمه فيما انفرد به، فوجدت مرد ذلك: إلى كون أبي إسحاق قد خولف فيه، خالفه إبراهيم النخعي وعبد الرحمن بن الأسود، كلاهما روياه عن الأسود عن عائشة به خلاف ما جاء به أبو إسحاق، من ثبوت وضوئه - صلى الله عليه وسلم - قبل نومه وهو جنب، ولم يذكرا ذلك الحرف الذي أتى به أبو إسحاق: (ولا يمس ماءً). =