فإن قيل: لم ينفرد به ابن ثوبان عن هشام بن عروة، بل تابعه عليه: ١ - عبد العظيم بن حبيب عند الدارقطني في "سننه" [٤/ ١٥٥]. قلنا: هذه متابعة لا يفرح بها، فعبد العظيم هذا وإن ذكره ابن حبان في "الثقات" [٨/ ٤٢٤]، وقال: (ربما خالف) فقد قال عنه الدارقطني: "ليس بثقة" كما في "الميزان" وأعل به حديثًا ساقه له في (غرائب مالك) وقال: "لم يكن بالقوى في الحديث" كما في "اللسان" [٤/ ٤٠]، وهذا مقدم على توثيقه بلا ريب، ومع تساهل ابن حبان الذي لا يخفى ولا يستتر؛ فإنه كان دون تلميذه أبي الحسن بن مهدي في معرفة أحوال النقلة، لاسيما "المجروحين" منهم، فاعرف هذا أيها الطالب علمًا. فإن قيل: قد رواه غير عبد العظيم عن هشام أيضًا، فهذا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العمري: قد رواه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به مثله ... عند ابن عدي في "الكامل" [٤/ ٢٧٨]، وأبي الحسن بن مهدى في "سننه" [٤/ ١٥٦]. قلنا: ومن يكون هذا الساقط، حتى يستشهد بحديثه فضلًا عن الاحتجاج به؟! وقد كذبه الإمام أحمد وأبو حاتم وغيرهما بخط عريض، فراجع ترجمته المظلمة من "التهذيب وذيوله". وأهون تلك الطرق ضعفًا: هي الطريق الأولى؛ فقد حسنها النووي في الأذكار [رقم ١١٣٤]، ومثله الإمام في "الصحيحة" [١/ ٧٣٠]، ويمنع من ذلك ما قد علمت. ثم إن في الحديث علة أخرى، فقد قال البيهقى عقب روايته من الطريق الأول: "وصله جماعة، والصحيح عنه - يعنى عن عروة - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل" وهذا إن صح؛ فلا كلام في تحسين هذا الطريق بعده. =