قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وقال ابن عساكر: "صحيح أخرجه النسائي ... " وقال الحافظ في "التغليق" [٥/ ٣٣٨ - ٣٣٩]: "هذا حديث صحيح، وتميم وثقه ابن معين وغيره" وقبله قال صاحب "البدر المنير" [٨/ ١٤٥]: "هذا الحديث صحيح". قلتُ: وهو كما قالوا جميعًا، لولا أن في النفس من عنعنة الأعمش، ولم أجده صرح بالسماع في جميع طرقه التى وقفت عليها، وهو إمام التدليس، وبعض أصحابنا يجازف ويجعل تدليسه في القلة: من قبيل تدليس الزهرى والثورى والحسن البصرى وهؤلاء السادة، كأنه ما وقف على قول المغيرة بن مقسم: "ما أفسد أحد حديث الكوفة إلا أبو إسحاق - يعنى السبيعى، وسليمان الأعمش" يعنى للتدليس، كما قاله الحافظ في ترجمة أبى إسحاق من "تهذيبه" [٨/ ٥٨]، وقول المغيرة ثابت عند الإمام أحمد في "العلل" [١/ ٢٤٤/ رواية عبد الله]. نعم: رواية شعبة والقطان - وحدهما - عن الأعمش فيما عنعن فيه أو لم يذكر فيه سماعًا؛ فلها شأن آخر، ولم أر أحد الرجلين قد روى هذا الخبر عن أبى محمد الأسدى، لكن ربما قوى الحديث: تعليق البخارى له مجزومًا به، ومعلقات البخارى المجزوم بها صحيحة عند جماعة كالمنذرى وغيره، وفى ذلك على إطلاقه نظر لا يخفى. والتحقيق أن تلك المعلقات صحيحة إلى من علق عنه، ويبقى النظر فيمن أبرز من رجال ذلك الحديث المعلق، كما يقول الحافظ في مقدمة "الفتح" [ص ١٧]، وهذا الحديث علقه البخارى قائلًا: (وقال الأعمش: عن تميم عن عروة عن عائشة قالت ... ) فخلصنا إلى أنه صحيح إلى الأعمش؛ ويبقى النظر في الأعمش ومن فوقه؛ فنظرنا: فإذا الأعمش حافظ الكوفة، الإمام العدل الحجة الزاهد المقرئ ليس فيه مغمز يضر حديثه سوى إكثاره من التدليس، وقد عنعنه هنا، ومن فوقه ثقات مشاهير، فليس الحديث عندى بهذا الإسناد إلا معلولا، =