للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا نخرج إلا ليلا إلى ليلٍ! وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبًا من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأول في البرية أو في المتنزه، فأقبلت أنا وأم مسطحٍ بنت أبى رهمٍ نمشى فعثرت في مرطها، فقالت: تعس مسطحٌ! فقلت لها: بئس ما قلت! أتسبين رجلا شهد بدرًا؟! قالت: يا هنتاه، ألم تسمعى ما قالوا؟! قالت: قلت: وما قالوا؟ فأخبرتنى بقول [أهل] الإفك، فازددت مرضًا على مرضى، فلما رجعت إلى بيتى، دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "كيْفَ تِيكُمْ؟ " فقلت: ائذن لى آتى أبوى، قالت: وأنا حينئذٍ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما، قالت: فأذن لى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتيت أبويَّ، فقلت لأمى: ما يتحدث الناس؟ فقالت: يا بنية هونى على نفسك الشأن، فواللَّه، لقلما كانت امرأةٌ قط وضيئةٌ عند رجلٍ يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها، قالت: فقلت: سبحان الله! ولقد تحدث الناس بهذا؟ فبت تلك الليلة حتى أصبحت، لا يرقأ لى دمعٌ، ولا أكتحل بنومٍ، ثم أصبحت، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عليَّ بن أبى طالب، وأسامة بن زيدٍ، حين استلبث الوحى، يستشيرهما في فراق أهله، قالت: فأما أسامة بن زيد، فأشار عليه بالذى يعلم من براءة أهله، وبالذى يعلم في نفسه من الود لها، فقال أسامة: أهلك يا رسول الله، ولا نعلم والله إلا خيرًا، وأما عليّ بن أبى طالب، فقال: يا رسول الله، لَمْ يضيق الله عليك، والنساء سواها كثيرٌ، وسل الجارية تَصْدُقْك، قالت: فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بريرة، فقال: "يَا بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ مِنْهَا شَيْئًا يَرِيبُكِ؟ " فقالت بريرة: لا والذى بعثك بالحق، إن رأيت منها أمرًا أغمصه عليها، أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام عن العجين، فتأتى الداجن، فتأكله، قالت: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يومه، فاستعذر من عبد الله بن أبيّ ابن سلول، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ بَلَغَ أَذَاهُ في أَهْلِى، فَوَاللهِ، فَوَالله، فَوَاللهِ - ثَلاثَ مَرَّاتٍ - مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إلا خَيْرًا، وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إلا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِى إلا مَعِى"، فقام سعد بن معاذٍ، فقال: يا رسول الله، أنا واللَّه أعذرك منه، إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك، فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج، وكان قبل ذلك رجلًا صالحًا، ولكن احتملته الحمية، فقال: كَذبت، لعمر الله، واللَّه، لا تقتله، ولا تقدر على

<<  <  ج: ص:  >  >>