للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قتله، فقام أسيد بن حضيرٍ، فقال: كذبت، لعمر الله، والله، لنقتلنه فإنك منافقٌ، تجادل عن المنافقين! قالت: فثار الحيان، الأوس، والخزرج، حتى مضوا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمٌ على المنبر، قالت: فنزل، فخفضهم، حتى سكتوا، وسكت. قالت: وبكيت يومى لا يرقأ لى دمع، ولا أكتحل بنومٍ، فأصبح عندى أبواى، وقد بكيت ليلتين ويومًا، حتى أظن أن البكاء فالقٌ كبدى، قالت: فبينا هما جالسان عندى، وأنا أبكى، إذ استأذنت امرأةٌ من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكى معى، فبينا نحن كذلك، إذ دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجلس، ولم يجلس عندى من يوم قيل ما قيل قبلها، وقد مكث شهرًا لا يوحى إليه في شأنى، قالت: فتشهَّد، ثم قال: "أَمَّا بَعْدُ، يَا عَائِشَة، فَإنه بَلَغَنِى عَنْكِ كَذَا وَكذَا، فَإن كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيبَرِّئُكِ الله، وَإن كُنْتِ أَلمْمْتِ، فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ، وَتُوبِى إلَيْهِ، فَإنَّ الْعَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبهِ، ثمَّ تَابَ، تَابَ الله عَلَيْهِ"، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالته، قلص دمعى، حتى ما أَحس منه قطرةً، فقلت لأبى: أجب عنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما قال، قالت: فقال: والله ما أدرى ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -! فقلت لأمى: أجيبى عنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما قال، قالت: واللَّه ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -! قالت: وأنا جاريةٌ حديثة السن، لا أقرأ كثيرًا من القرآن، فقلت: إنى واللَّه لقد علمت أنكم سمعتم بما تُحُدِّثَ به، وقد قر في أنفسكم، وصدقتم به، ولئن قلت لكم: إنى لبريئة - والله يعلم إنى لبريئة - لا تصدقوننى بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمرٍ الله يعلم أنى منه بريئةٌ، لتصدقُنِّى، واللَّه ما أجد لى ولكم مثلًا إلا أبا يوسف، إذ قال: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: ١٨]، قالت: ثم تحولت على فراشى، وأنا أرجو أن يبرئنى الله، ولكن واللَّه، ما ظننت أن ينزل في شأنى وحىٌ يتلى، وأنا أحقر في نفسى من أن يتكلم بالقرآن في أمرى، ولكن كنت أرجو أن يرى نبى الله - صلى الله عليه وسلم - في النوم رؤيا تبرئنى، قالت: فواللَّه، ما رام مجلسه، ولا خرج أحدٌ من أهل البيت، حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء، حتى إنه يتحدر منه مثل الجمان من العرق، في يومٍ شاتٍ، قالت: فلما سُرِّىَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يضحك، فكان أول كلمة تكلم بها، أن قال: "يَا عَائِشَة، احْمَدِى الله، فَقَدْ بَرَّأكِ"، قالت لى أمى: قومى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله

<<  <  ج: ص:  >  >>