قلتُ: إلا أنه معلول بالوقف كما يأتى؛ ثم هو ليس على شرط مسلم أيضًا؛ لأنه لم يخرج بهذه الترجمة شيئًا، وإن كان رجال الإسناد على شرطه، وقد أغرب ابن كثير جدًّا، وصحح سنده على شرط البخارى، كما في "تفسيره" [٥/ ٤١١/ طبعة دار طيبة]، وهذا من أوهامه؛ فإن السدى لم يحتج به البخارى أصلًا! ثم قال ابن كثير: "ووقفه أشبه من رفعه، ولهذا صمم شعبة على وقفه من كلام ابن مسعود، وكذلك رواه أسباط وسفيان الثورى عن السدى عن مرة عن ابن مسعود موقوفًا". قلتُ: هذا كما قال إن شاء الله؛ وشعبة وإن كان سمعه من السدى مرفوعًا؛ إلا أنه أصر على وقفه ولم يتجاوز به ابن مسعود، كأنه كان يرى أن السدى قد وهم في رفعه مطلقًا، أو له - يعنى لشعبة - خاصة، والسدى في حفظه مقال معروف؛ وقد تأيد تصرف شعبة: بكون الثورى وأسباط بن نصر قد روياه عن السدى به موقوفًا، وتابعهما الحكم عند الطبراني في "الكبير" [٩/ رقم ٩٠٧٨]، ورواية الثورى عنده في "تفسيره" [رقم ٦٦٦٦]، وابن أبى شيبة [١٤٠٩٣]، وابن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب" [رقم ٣٧٥٩]، من طريقين عن الثورى به. قلتُ: هكذا رواه وكيع وغيره عن الثورى؛ وخالفهم الحسين بن حفص الأصبهانى، فرواه عن سفيان فقال: عن زبيد اليامى عن مرة عن ابن مسعود به ... ، فجعل شيخ الثورى فيه (زبيد) بعد أن كان: (السدى) هكذا أخرجه الحاكم [٢/ ٤٢٠]. وهذا من غرائب الحسين عن الثورى، والمحفوظ عن سفيان هو الأول بلا تردد؛ وأين يقع حسين بن حفص من وكيع وحده في سفيان؟! فكيف وقد توبع وكيع عليه أيضًا؟! تابعه أبو حذيفة النهدى راوية (تفسير سفيان) عن مؤلفه؛ بل رأيت إمام المتقنين يحيى القطان قد رواه أيضًا عن سفيان مثل رواية وكيع وغيره عنه: عند الدارقطنى في "العلل" [٥/ ٣٦٨]، وقبل ذلك قال الدارقطنى عن هذا الحديث: "يرويه السدى، وقد اختلف عنه، فرفعه شعبة، عن السدى، ووقفه الثورى، والقول قول شعبة".=