قلتُ: هذا إسناد منكر ولا بد، وابن بديل مختلف فيه، وليس هو ممن يحتمل له التفرد عن مثل عمرو بن دينار أصلًا، وقد تتابعت كلمات النقاد على إنكاره عليه؛ وإعلاله به، وقد ذكرنا نصوص كلامهم في "غرس الأشجار" منهم أبو بكر بن زياد النيسابورى الحافظ والدارقطني وابن عدي وابن حزم والبيهقي وابن الجوزي وجماعة من المتأخرين أيضًا. وعارضهم بعض مَنْ لا يجرى مع هؤلاء في مضمار البتة، كابن التركمانى وغيره، وقد اضطرب ابن بديل في سنده أيضًا، فعاد وروراه عن عمرو بن دينار عن ابن عمر عن عمر به نحوه دون ما بعد الأمر بالاعتكاف والصوم، وجعله من (مسند عمر بن الخطاب) بعد أن كان من (مسند ابن عمر). هكذا أخرجه البيهقي في "سننه" [٨٣٥٩]، وابن عدي [٤/ ٢١٣]، والبزار [١/ رقم ١٤٢/ البحر الزخار]، والمزى في "تهذيبه" [٦/ ١٣٥ - ١٣٦]، ونحو هم عند البخاري في "تاريخه" [١/ ٢٧٥ ترجمة إبراهيم بن بديل]. وهذا الاضطراب: دليل على كون ابن بديل لم يضبط هذا الحديث أصلًا، وقد أنكره عليه النقاد كما مضى، وليس له أصل من رواية عمرو بن دينار عن ابن عمر، كما يقول أبو محمد الفارسي الحافظ. وقد صح الحديث من طرق عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر به نحوه ... دون جملة الأمر بالصيام، فهى جملة منكرة سندًا ومتنًا. =