قال البيهقى: "إسناده ضعيف؛ وروى من وجه آخر ضعيف". قلتُ: وآفته: إنما هي من عنعنة أبى رجاء الجزرى، واسمه (محرز بن عبد الله مولى هشام بن عبد الملك) وقد وثقه أبو حاتم وجماعة؛ وهو من رجال ابن ماجه؛ ولكن وصفه ابن حبان بالتدليس فقال في "الثقات" [٧/ ٥٠٤]: "كان يدلس عن مكحول؛ يعتبر بحديثه ما بيَّن السماع فيه عن مكحول وغيره". قلتُ: وقوله: (وغيره) مما يفيد عدم حصر تدليسه عن مكحول وحده، كما يفهم ذلك من صدر عبارة ابن حبان: (كان يدلس عن مكحول) كأنه يرمى إلى أنه كان مكثرًا من التدليس عن مكحول خاصة، فلا ينفى ذلك أن يكون ربما دلس عن غيره؛ كما يدل على ذلك عجز عبارة ابن حبان الماضية؛ إذ لو كان تدليسه خاصة بروايته عن مكحول وحده؛ ما كان ابن حبان يشترط لاعتبار حديثه أن يصرح بالسماع عن مكحول وغيره. ثم إن ابن حبان قد تأكد وعاد وأورد أبا رجاء في "المجروحين" [٣/ ١٥٨]، وقال: "شيخ يروى عن فرات بن السائب وأهل الجزيرة المناكير الكثيرة التى لا يتابع عليها، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، لغلبة المناكير على أخباره، ... " ثم ساق له هذا الحديث من مناكيره، وتبعه على ذلك الذهبى في "الميزان" [٤/ ٥٢٤]، ونسى أنه ذكره في "الكاشف" [٢/ ٢٤٤]، وقال: "ثقة"، فإما أن يكون الرجلان قد تناقضا، أو تغير اجتهادهما، والثانى في حق ابن حبان أقرب، =