فالظاهر كما قلنا: أنه تراجع عن توثيق أبى رجاء الجزرى أخيرًا، ويؤيد ذلك: أن رجال الإسناد - سوى أبى رجاء - كلهم موثقون عند ابن حبان، فكأنه نظر إسناده: فاستنكره واستنكر متنه، فنظر رجاله، فلم ير فيهم من يحمل عليه؛ أو من تكون الآفة من قبله؛ إلا أن يكون (أبا رجاء الجزرى) لأنه قد سبق له أن وصفه بالتدليس في "الثقات" وقد عنعنه هنا ولم يذكر فيه سماعًا، ثم إن عبارة ابن حبان في ترجمة أبى رجاء من "المجروحين" تفيد بكونه وقف له على أخبار مناكير من روايته عن الجَزْريين أمثال (فرات بن سلمان) والتى منها هذا الحديث هنا. فإن قيل: كيف لا يكون في الإسناد ما يعل به سوى (أبى رجاء) وحده، مع كونه يرويه عند ابن حبان (عن الفرات بن السائب) وفرات ساقط الحديث معهم، قد تناولوه شديدًا، وهو من رجال "اللسان" [٤/ ٤٣٠]، بل قال ابن حبان نفسه في ترجمته من "المجروحين" [٢/ ٢٠٧]: بعد أن ذكر روايته عن (ميمون بن ميمون) قال: "كان ممن يروى الموضوعات عن الأثبات، ويأتى بالمعضلات عن الثقات، لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرواية عنه، ولا كتابة حديثه إلا على سبيل الاختبار) فهذا أولى أن يعل به الحديث من (أبى رجاء الجزرى) فكان حق ابن حبان أن يعله بشيخ (أبى رجاء) كما وقع عنده (فرات بن سلمان) كما يقول الإمام في "الضعيفة" [رقم ٤٤٥٢]، متعقبًا أبا حاتم البستى؟! =