نعم: هذا غير منكر على ابن حبان في نفس الأمر، إلا أن شواهد الأحوال لا تؤيده أصلًا، بل تنفيه رأسًا، وتجعلنا نجزم بكون ما وقع في مطبوعة "المجروحين" خطأ ظاهرًا، وصوابه ما ذكرنا آنفًا. * فالحاصل: أن علة الحديث إنما هي في عدم تصريح أبى رجاء الجزرى بالسماع من شيخه (فرات بن سلمان) كما جزم بذلك الإمام في "الضعيفة" نعم: أبو رجاء الجزرى وإن وثقه أبو حاشم وأبو داود وغيرهما؛ إلا أن ابن حبان قد وصفه برواية المناكير بعد أن ذكره في "الثقات"، فالظاهر عندى: أن أبا رجاء (صدوق يخطئ) وربما كان (ثقة له أوهام) توفيقًا بين كلام النقاد فيه، ومثله جائز عليه الخطأ في حديثه مما لا يحتمل لمثله، فإما أن تكون الآفة من عنعنته، أو منه نفسه، فيجتنب ما أخطأ فيه خاصة مما نص عليه النقاد؛ ويبقى سائر حديثه على السلامة ما لم يظهر فيه خلل من وجه آخر، فهذا هو التحقيق بشأنه؛ فلا ينبغى إهدار كلام ابن حبان عنه بـ "المجروحين" بدعوى كونه قد تناقض بشأنه. وقد رأيت ابن أبى حاتم قد ذكر هذا الحديث في سياق أتم نحوه في "العلل" [رقم ١٩١١]، من طريق أبى رجاء الجزرى عن فرات بن سلمان بإسناده به ... ، ثم سأل عنه أباه قال له: "هذا حديث منكر"، ولم يذكر علته، ومضى أن البيهقى ضعف سنده أيضًا، ولم يذكر سبب ضعفه، وهو ما ذكرناه سابقا إن شاء الله. والحديث ذكره الهيثمى في "المجمع" [١٠/ ٤١٠] وقال: (رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات) وهذا لا يفيد تصحيحه، كما ظن المناوى ذلك في "الفيض" [٥/ ٤٥١]، ووقع له في ذلك غفلة باردة، تعقبه فيها الإمام في "الضعيفة" [رقم ٤٤٥٢]، واللَّه المستعان.