وقد توبع الأوزاعى على الوجهين جميعًا عن الزهرى، لكن اختلف في سنده على ابن شهاب على ألوان كثيرة، ذكرها الدارقطنى في "علله" [٩/ ٣٧٥ - ٣٧٩]، وقد شرحناها وخرجناها في "غرس الأشجار" وكما اختلف عليه في سنده، فقد اختلف عليه في متنه أيضًا، حتى وصفه بعض الحفاظ بالاضطراب فيه سندًا ومتنًا، وأنه لم يُتْقِنْ حفظه، هكذا قاله الصلاح العلائى الحافظ في كتابه "نظم الفوائد لما تضمنه حديث ذى اليدَين من الفوائد" ثم نقل عن ابن عبد البر أنه قال في "التمهيد" [١/ ٣٦٦]: (لا أعلم أحدًا من أهل الحديث المنصفين فيه: عوَّل على حديث ابن شهاب في قصة ذى اليدين، لاضطرابه فيه، وأنه لم يتم له إسنادًا ولا متنًا، وإن كان إمامًا عظيمًا في هذا الشأن؛ فالغلط لا يسلم منه أحد، والكمال ليس لمخلوق، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ". قلتُ: وإنما عول من عَوَّل على صحة قصة ذى اليدين: بما للحديث من طرق أخرى عن أبى هريرة به نحوه ... وهى صحيحة ثابتة ... منها ما رواه مالك عن أيوب عن ابن سيرين عن أبى هريرة: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من اثنتين، فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصدق ذو اليدين؟! فقال الناس: نعم، فقام رسول الله فصلى ركعتين أخريين، ثم سلم، ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع ثم كبر، فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع). أخرجه مالك [٢١٠]- واللفظ له - ومن طريقه البخارى [٦٨٢] و [١١٧٠، ٦٨٢٣]، والترمذى [٣٩٩]، والنسائى [١٢٢٥]، وأبو داود [١٠٠٩]، وابن حبان [٢٢٤٩، ٢٦٨٦]، والشافعى [٨٩١]، وجماعة كثيرة.=