قلتُ: هذا إسناد حسن صالح، وأبو خالد الأحمر وشيخه: صدوقان مشهوران، لكن أعله أبو الفضل الجارودى الحافظ، فقال في رسالته "علل أحاديث في صحيح مسلم" [رقم ١٩]: "هذا غلط فيه أبو خالد الأحمر .... " ثم ذكر أن أصل الحديث إنما وقع في قصة أبي طالب لما قاله له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (قلت: لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة)، يعنى وغلط أبو خالد في لفظه وسياقه، فجاء به على هذا النحو. قلتُ: ويعكر عليه أن أبا خالد الأحمر لم ينفرد به عن يزيد على هذا اللفظ، بل تابعه عليه مروان بن معاوية الفزاري عن يزيد بن كيسان بمثله سواء ... عند ابن منده في التوحيد [ص ٢٨٩/ رقم ٢٠٠/ طبعة دار الفضيلة]، من طريق أبي مسعود الرازي عن ابن أبي شيبة عن مروان به. قلتُ: وهذا إسناد صحيح إلى مروان؛ إلا أننى أخشى ألا يكون محفوظًا، فقد خولف فيه أبو مسعود الرازي - وهو حافظ إمام له غرائب - خالفه الإمام مسلم وابن ماجه وبقى بن مخلد وعبيد بن غنام وإسماعيل بن قتيبة وأبو بكر بن أبي عاصم وغيرهم، كلهم رووه عن ابن أبي شيبة فقالوا: عن أبي خالد الأحمر عن يزيد بن كيسان به. قلتُ: وهذا أصح عندي؛ والحديث صحيح على كل حال، فله طرق أخرى عن أبي هريرة، وشواهد عن جماعة من الصحابة أيضًا، وقد أطلنا تخريجه في "غرس الأشجار" ومضى من تلك الشواهد: حديث أبي سعيد الخدري [١٠٩٦، ١١٧٧، ١٢٣٩]، مثل لفظه هنا، وسنده صحيح محفوظ، وهو ثابت في "صحيح مسلم" أيضًا.