قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم". قلتُ: إنما هو حسن فقط؛ ولم يخرج مسلم حديثًا بتلك الترجمة قط، وقال الترمذى عقب روايته: (هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه). قلت: وقد اختلف فيه على ابن إسحاق، رواه عنه يزيد بن هارون وابن أبى عدى وعبد الأعلى السامى على الوجه الماضى، وخالفهم: محمّد سلمة الباهلى، فرواه عن ابن إسحاق فقال: عن محمّد بن إبراهيم عن أبى سلمة عن أبى هريرة به ... ، فأسقط منه (عيسى بن طلحة)، وأبدله بـ (أبى سلمة) هكذا أخرجه ابن ماجة [٣٩٧٠]، بإسناد صحيح إلى محمّد بن سلمة به. قال البوصيرى: في "مصباح الزجاجة" [٢/ ٢٧٧]: "هذا إسناد ضعيف؛ لتدليس ابن إسحاق". قلتُ: كذا يقول هذا الرجل كثيرًا، هلا قال: "إسناد ضعيف؛ لعدم تصريح ابن إسحاق بالسماع" إذ جَزْمُه بتدليس ابن إسحاق بمجرد عنعنته: لا يتهيأ له ولا لغيره أصلًا، اللَّهم إِلَّا إذا أقام البرهان على تدليس ابن إسحاق بخصوص هذا الحديث هنا، ولا طاقة له بذلك قط، ثم إن المحفوظ عن ابن إسحاق: هو الإسناد الأول من رواية الجماعة عنه؛ فكأن محمّد بن سلمة قد لزم فيه الطريق. وقد توبع ابن إسحاق على الوجه المحفوظ عنه: تابعه يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمّد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة عن أبى هريرة مرفوعًا بلفظ: (إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيه، يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب) أخرجه مسلم [٢٩٨٨]، والبخارى [٦١١٢]، وابن حبان [٥٧٠٧، ٥٧٠٨]، والبيهقيّ في "سننه" [١٦٤٤١]، وفى "الشعب" [٤/ رقم ٤٩٥٦]، والدولابى في "الكنى" [رقم ٥٩٢]، والخطيب في "موضح الأوهام" [٢/ ٨٩]، والإسماعيلى في "المستخرج" كما في "الفتح" [١١/ ٣١١]، والسلفى في الطيوريات [رقم ٤٣٢]، والذهبى في "المعجم المختص" [١/ ١٣٦]، وغيرهم من طرق عن يزيد بن عبد الله بإسناده به ... وليس عند البخارى قوله: (والمغرب). =