قلتُ: لا ريب أن رجاله كلهم ثقات مشاهير؛ وعلى بن الحكم تُكُلِّم فيه بلا حجة، وحماد بن سلمة: ثقة إمام؛ إلا أنه تغير قليلًا بآخرة؛ لكن جازف ابن الجوزى، وأعل الحديث به عقب روايته، فقال: "حماد مجروح"، هكذا يقول بلا رَوِيَّة، وكأنه ما يدرى أن البخارى قد عقب بعدم إخراج حديثه، وأن مسلمًا وأصحاب السنن قد احتجوا به جميعًا، وحماد أحمد أئمة المسلمين بلا ريب؛ وغاية ما قيل عنه: أنه قد تغير حفظه قليلًا بآخرة، ولم يختلط قط، فكان ماذا؟! ومن تجاوز غير هذا في الغمز من حماد؛ فقد تعدَّى طَوْرَه، ولن يجد في يده ما يعضد دعواه أصلًا، إلا ما حكِىَ وقيل، مما لا يلتفت له نقاد تلك الصنعة، ولا يرفعوا له رأسًا أصلًا، كما شرحنا ذلك شرحًا موسعًا في ترجمة حماد من كتابنا "المحارب الكفيل بتقويم أسنة التنكيل". • والحاصل: أن ما وُصِفَ به حماد من ذلك التغير في آخر عمره: لا دليل فيه لكل مغامر على رد كل حديث يكون فيه أبو سلمة البصرى! فَنَعدُّ هذه القولة الماضية من فم ابن الجوزى: من تلك الهفوات الشنيعة التى وُسِمَ بها الرجل في كتبه وتواليفه، سامحه الله وغفر له. وعود على بدء فنقول: قد توبع حماد على سنده الماضى: ١ - تابعه الصعق بن حزن عن علي بن الحكم به ... : كما ذكره العقيلى في "الضعفاء" [١/ ٢٥٧/ ترجمة الحكم بن عبد الملك، والصعق: ثقة عابد له أوهام. وهو من رجال مسلم والنسائى. ٢ - وكذا تابعه: عمارة بن زاذان عن عليّ بن الحكم بإسناده به. أخرجه الترمذى وابن ماجه وأحمد وجماعة كثيرة، وعمارة: شيخ بصرى مختلف فيه، وقد اختلف عليه في سنده على ألوان، فرواه عنه جماعة على الوجه الماضى، وهو المحفوظ عنه، ورواه عنه بعضهم فقال: عن عليّ بن الحكم عن محمد بن زياد عن أبى هريرة به، ورواه عنه آخر: فصرَّح بسماع عليّ بن الحكم عن عطاء في سنده، وكل ذلك أخطاء وأوهام، والصواب عنه: هو الأول: وقد رأيت العقيلى في "الضعفاء" [١/ ٧٤]، قد قال عن طريق عمارة هذا: "إسناد صالح" وهو عندى: صالح في المتابعات والشواهد.=